الأخبار
محمد السيد عيد
صوت القاهرة
الوصل والفصل

في فورة الخصخصة كانت وزارة قطاع الأعمال تتبع سياسة محددة لبيع الشركات، تبدأ أولاً بوقف نشاط الشركة، فتخسر، وتستدين، وحينئذ تكون الرغبة شديدة في التخلص منها باعتبارها عبئاً، وتصبح مبررات بيعها جاهزة، فتباع بتراب الفلوس. وها هو السيناريو ذاته يتكرر الآن في شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات.
كانت صوت القاهرة قبل ثورة يناير تعمل منتجاً منفذاً للقطاع الاقتصادي بوزارة الإعلام، فتقوم بإنتاج المسلسلات لحسابه، وتحاسبه بسعر أعلي من التكلفة، فتجد ربحاً تدفع منه لموظفيها المرتبات والحوافز، وبعد الثورة توقف القطاع الاقتصادي إلا عن التمويل، وتوقفت الشركة عن الإنتاج تقريباً، اللهم مشاركات محدودة في السنتين الأخيرتين مع القطاع الخاص.
صوت القاهرة يا حضرات أنشأها الفنان محمد فوزي، وأممتها ثورة يوليو، ولم تتوقف بعد التأميم، بل كانت تزاحم وتنافس قطاع الإنتاج، وتشارك بأفلام سينمائية في الحياة الفنية، لكن كل هذا توقف، وتحولت الشركة إلي جثة هامدة، يبقي موظفوها شهوراً دون أن يصرفوا مرتباتهم لعدم وجود أرباح، وعلمت أنها تقوم حالياً بتوزيع بعض الموظفين لتخفيف مصروفاتها.
أذكر أن محمد العمري رئيس الشركة الحالي كان في قمة الحماس حين علم أنه مرشح لتولي رئاسة الشركة، وأنه اتصل بي قبل أن يتسلم عمله وطلب مني أن أعطيه مسلسل طلعت حرب ليكون باكورة إنتاج الشركة في عهده، قال بحماس إنه سيسند الإخراج لشريف عرفة والبطولة لأحمد السقا، ثم فوجئ بأنه لا توجد لديه إمكانات. وأخيراً قال لي في نوبة يأس: الشركة لن تنتج، لو لقيت بيعة للمسلسل بيعه. وهكذا استسلم للواقع بعد ضياع الحلم.
إنني لا أفهم أبداً أن تتوقف شركة صوت القاهرة عن الإنتاج، فهي شركة والشركات لابد أن تكسب لتستمر، أما أن تتوقف عن الإنتاج فهذا معناه أنها ستستدين لتسدد التزاماتها، وفي النهاية ستباع سداداً للديون. أليس حراماً بعد ثورتين أن نعيد إنتاج سيناريو الخصخصة البغيض؟
الحل لإنقاذ هذه الشركة من الإفلاس هو: أن تقوم شركة إعلام المصريين، التي تمتلك مجموعة من القنوات، مثل أون ودي إم سي وغيرهما، بشراء الشركة، أو بتكليفها بإنتاج احتياجاتها من المسلسلات والسهرات والأفلام التليفزيونية والقصيرة ومسلسلات الأطفال. أما استمرار الوضع الحالي فمعناه أننا سنشهد قريباً بيع الشركة بتراب الفلوس. فهل هذا ما نريده؟ رحمة الله علي الفنان محمد فوزي، الذي بني وجئنا بعده لنهدم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف