تقرير سياسي عن أحداث الساعة
"الاختيار الصح".. والتحايل علي القانون مرفوض..
العامل "عامل" وغير مقبول ترشح "الباشا"!
نصيحة للإدارات العليا:
لا تجاملوا أعضاء اللجان النقابية علي حساب الآخرين
وإذا تمت انتخابات المحليات بنجاح.. سيكون البرلمان القادم أكثر توفيقا!
الفرصة الآن لإجراء حركة تغييرات واسعة للمحافظين
بديهي ألا يتساوي الأكفاء بالبيروقراطيين.. وعشاق الروتين
تجربة الجو السيئ..علمتنا أن إطفاء الحرائق قبل اشتعالها.. ينبغي أن تكون سياسة ثابتة لا نحيد عنها
كشفت لنا تجربة الانتخابات الرئاسية الأخيرة أن الأحزاب السياسية عاجزة عن تفريخ كوادر قادرة وفاعلة تقتحم حلبة المنافسة بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين مستندة إلي جماهيرية لا يمكن إغفالها في أية انتخابات.
في نفس الوقت لا توجد لدينا الآلية السياسية التي يمكن من خلالها تقديم من هم قادرون علي تقدم الصفوف بصرف النظر عن اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم وتعدد مشاربهم.
* * *
..وبعد أيام قليلة تجري في مصر انتخابات من نوع جديد هي الانتخابات العمالية من القاعدة حتي القمة..
يعني من أصغر لجنة نقابية في أقل الشركات أو المؤسسات عددا حتي رئيس اتحاد العمال وبذلك تدور عجلة التغيير أولا بأول.
أيضا في أوائل العام القادم.. أو منتصفه تكون انتخابات المجالس المحلية.. وتلك هي الأخري من الأهمية بمكان لأسباب عديدة سوف أشرحها فيما بعد.
بداية..إذا كنا نسعي إلي إقامة حياة سياسية بالمعني المفهوم دون تجاوزات أو خروقات من أي شكل أو نوع.. يجب أن نضع نصب عيوننا الحقائق التالية:
* القانون ينص صراحة علي أنه لا يجوز لمن في يده سلطة توقيع الجزاء أو الذي يشغل موقعا قياديا التقدم لترشيح نفسه في أي تشكيل عمالي..!
والذي كان يحدث أن الإدارة.. في أي مؤسسة أو شركة إذا أرادت أن تجامل شخصا بعينه تصدر له شهادة تثبت أنه "عامل" علي غير الحقيقة.. وبالتالي فقدت النظرية هدفها واصطدمت بأولي عقبات التطبيق لتضيع حقوق العمال بعد أن فقدوا من يمثلهم تمثيلا حقيقيا وصادقا.
ببساطة شديدة.. ينبغي ألا يكون هناك أدني خلاف علي أن العامل.. "عامل".. وهذا شرف لأي إنسان.. أما "الباشا" الذي يريد أن يجمع كل الخيوط في يديه.. فلا مكان له في مثل تلك التنظيمات الشعبية.
* فيما يتعلق بالمجالس المحلية.. فإن انتخاباتها متوقفة منذ أكثر من تسع سنوات.. لذا عندما تتم خلال العام القادم علي أقصي تقدير.. فإن الأرضية السياسية تكون قد تم تمهيدها بصورة أفضل وأحسن.. وكل هذا -كما أعتقد- في انتظار صدور قانون المحليات الجديد ولائحته التنفيذية.
وقد حظر القانون ترشح موظفي الوحدات المحلية.. بالضبط مثلما هو الحال بالنسبة للقيادات الإدارية في التشكيلات النقابية -كما ذكرت آنفا- رغم أنه في دورات سابقة.. لم تكن تراعي هذا الشرط.. واختلط الحابل بالنابل مما كان أحد الأسباب الرئيسية في استشراء الفساد داخل هذا القطاع الحيوي والهام.
* إذا كانت تلك ما تقضي به نصوص القوانين.. فماذا عنك أنت.. صاحب القرار الأصيل..!!
لقد طالب الرئيس السيسي الناس بحسن الاختيار.. أي لا يجب أن تتحكم الشللية أو العلاقات الشخصية في صناعة القيادات مهما كان حجمها..!
ابحث عن الرجل حسن السمعة.. والذي ليس له من غرض سوي خدمة زملائه.. وجيرانه.. وأقرانه..
نعم.. النفس ليس منزهة عن الهوي.. لكن بقدر الإمكان..ادرس..وافحص.. وتأمل جيدا قبل أن تدلي بصوتك.. لأن المستفيد الأول هو أنت.
وأنا شخصيا لي ملاحظة يجب تداركها قبل إصدار قانون المحليات الجديد..فالمتفق عليه الآن..أن يكون المرشح حاصلا علي شهادة التعليم الأساسي..!
يعني أيه..؟
بصراحة.. هذا تشجيع علي الأمية التي مازلنا نعاني منها عناء بالغا ويكفي أن لدينا -باعتراف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء -17 مليون أمي..!
أنا أري ضرورة رفع هذا الشرط لتصبح الشهادة الإعدادية هي الحد الأدني.. مع الأخذ في الاعتبار أنه حتي الحاصلون علي هذه الشهادة لا يقرأون ولا يكتبون بصورة جيدة..!
* * *
المفترض.. أن المحليات هي المرحلة التمهيدية التي تنصهر في بواتقها خبرات الرجال.. وأداؤهم وتجاربهم علي أرض الواقع..وبالتالي تظهر نماذج تصلح أن تترشح للبرلمان فيما بعد..خصوصا وأن شروط الترشح له أيضا لا تختلف كثيرا.. إذ يكتفون بالحصول علي شهادة التعليم الأساسي التي نرجو تغييرها أيضا إلي الأفضل..!
علي الجانب المقابل..فإن الاختيارات إذا تمت بطريقة صحيحة ومنطقية وعادلة.. فإن المحليات سوف تطهر نفسها بنفسها.. إذ أن القادمين الجدد لن يرضوا علي أنفسهم أن تظل السمعة السيئة تعلق بتلابيبهم دون ذنب جنوه.. اللهم إلا أنهم تقدموا من أجل الصالح العام ليس إلا.
* * *
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن القانون ينص علي تغيير المحافظين مع تولي رئيس الجمهورية الجديد مهام منصبه.. وهكذا تكون الفرصة متاحة لإجراء حركة تغييرات واسعة للمحافظين..!
وهنا لابد من توضيح نقطة مهمة.. هي أن تبعات الجو السيئ لم تكن قاصرة علي القاهرة الجديدة فحسب.. بل شاءت الظروف أنها هي التي سلطت عليها الأضواء نظرا لعوامل عديدة.. أهمها سوء الإدارة..وقدرة المضارين علي توصيل أصواتهم في التو.. واللحظة و..و..!
لكن علي الوجه المقابل لم "تخلو" محافظات عديدة من الآثار السلبية للمطر المنهمر.. والرياح العاتية.. والأتربة الكثيفة..!
ليس هذا فحسب.. بل يوجد محافظون..للأسف.. لا يستوعبون حجم المهمة الملقاة علي عاتقهم.. فلم يضيفوا جديدا.. ولم يقدموا إصلاحات حقيقية.. وعاشوا في عزلة عن الجماهير..
وغني عن البيان أن هناك زملاء لهم يتمتعون بكفاءة ويديرون العمل بقدرة واقتدار فهل يتساوي المجدون وغير المجدين..؟!
الإجابة بالنفي طبعا..!
كل ما هنالك أننا نرجو حسن الاختيار كذلك.. حتي يعزف المجتمع كله سيمفونية واحدة قوامها العمل.. والإيثار.. والانتماء لتراب هذا الوطن..
وها هم المحافظون قد تحسنت مرتباتهم ومعاشاتهم مما ينتفي معه مقولة إن المنصب لا يتلاءم مع الجزاء المادي..!
* * *
واسمحوا لي أن أتجه ببصري وأنتم معي بطبيعة الحال إلي خامس أكبر دولة في العالم..وأكبر دولة في أمريكا الجنوبية.. وتعداد سكانها أكثر من 220 مليونا تقريبا..وأعني بها دولة البرازيل!
وهم ينظرون في كلي من الأمريكتين إلي البرازيل علي أنها صاحبة الثقل الكبير.. والتأثير البالغ محليا وإقليميا وعالميا..مثلما ينظر العرب وأهالي الشرق الأوسط إلي مصر تماما..!
لقد حققت البرازيل.. طفرة اقتصادية هائلة في السنوات الأخيرة.. هل تعرفون لماذا..؟!
لأنها أجرت إصلاحا اقتصاديا صعبا وجريئا.. ومنحت سلطات واسعة للمحليات باعتبار القائمين عليها هم الأدري بشعاب ديارهم..!
أقول ذلك..لأننا- والحمد لله- اقتحمنا الصعب.. ولم نتردد في اتخاذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي أدركنا أنها ستضع أقدامنا علي الطريق الصحيح.
كما نصبو إلي"محليات" متينة الأركان.. خالية إلي حد كبير من العورات..والنقائص..!
علما بأن دستورنا ينص علي:
"تكفل الدولة دعم اللامركزية الإدارية والمالية والاقتصادية وينظم القانون وسائل تمكين الوحدات الإدارية من توفير المرافق المحلية والنهوض بها وحسن إدارتها.
* * *
في النهاية تبقي كلمة:
حقا..رب ضارة نافعة.!
فقد علمتنا تجربة الطقس السيئ من جديد أن منع الحرائق من الاشتعال.. أفضل..وأسلم وأكثر أمانا من إطفاء النار بعد فوات الأوان.
ولقد بادرت الحكومة ?خلال المرحلة الثانية من تطورات الأحوال الجوية -بتلافي الثغرات..ومنع أوجه القصور بعد أن اتخذت إجراءات حاسمة تجاه قيادات مركز المعلومات بمجلس الوزراء ورئيس مدينة القاهرة الجديدة ومساعديه وقد شاءت إرادة الله.. ألا تتكرر نفس الظاهرة بذات الدرجة.. من العنف والشدة..
بكل المقاييس.. ليس عيبا.. أن نستفيد من التجربة والخطأ.. فتلك طبيعة الحياة..مع الأخذ في الاعتبار أننا نعيد بناء الدولة بكافة فروعها.. السياسية.. والاقتصادية.. والاجتماعية.. والخدمية.. والأمنية..و..و..!
* * *
وأخيرا.. اخترت لك هذه الأبيات الشعرية:
في حب مصر..ماذا أقول..؟
القلم حائر بين السطور
أكتب شعرا.. فهي الشعر المنثور
أرسم وردا.. فهي أطيب العطور
لو قلت أحبها..فلن يكفيني
فأنا مريض بحبها.. فمن يداويني