الوفد
عاطف دعبس
نشرات «التلميع»
الصحافة الإلكترونية لم تترك شاردة ولا واردة لأى مسئول إلا ونشرتها له، فالبوابات الإلكترونية، نظراً لطبيعتها، تحتاج إلى طاقة كبيرة من الأخبار لتكون نافذة حقيقية وكاشفة، حيث ترسخ لنفسها مجالاً للتغطية المتميزة والشاملة، خصوصاً أن البوابات مفتوحة على مدار الساعة وتحتاج إلى تجديد أخبارها لحظة بلحظة
وجاء هذا لصالح الوزراء والمحافظين ورؤساء الجامعات ووكلاء الوزارات ورؤساء المدن والأحياء إلخ فلا يوجد مسئول لا تنشر أخباره وصوره فى كل الأوضاع، ضاحكاً ومتجهماً، فضلاً عن أخباره وهو يوجه ويشدد ويلوم ويعنف، وتصريحاته البديهية واللولبية، عن أهمية السلام العالمى وقدرة الفنون على الارتقاء بسلوك الإنسان وأهمية مسارح الجامعات والمدارس فى إظهار الموهوبين.
ولا أدعى إذا قلت إن 70 % على الأقل من الأخبار التى تنشرها البوابات الإلكترونية لا تصلح للنشر من الأصل، فى الصحف الورقية التى بطبيعتها لها مساحة محدودة من الصفحات وبالتالى تعرض فيها ما يستحق النشر ويحمل أخباراً حقيقية تهم القارئ.
وبالتالى، فأنا مندهش مع وجود هذه التغطية الإعلامية للمسئولين من قيام بعض الجهات بإصدار نشرات فى صورة صحف ورقية، لها إدارة ومجلس تحرير، لنشر مزيد من الصور وأخبار التلميع، وتزيد الدهشة عندما تجد هذه الجهات بطبيعتها «خدمية» وليست إنتاجية مثلاً فيجوز لها أن تروج لنفسها وتسوق لإنتاجها غير الموجود أصلاً!
ومن هذه الجهات على سبيل المثال جامعة طنطا والتى أصدرت صحيفة ورقية لنفسها وأعلنت عن ذلك الإصدار وكأنها تعرض إنجازاً غير مسبوق فى عالم الصحافة! وأنا أعتبر هذا الإنجاز صورة من صور إهدار المال العام، خصوصاً أن الدكتور مجدى سبع، رئيس جامعة طنطا منذ تولى منصبه ونحن جميعاً وبلا استثناء ننشر أخباره وصوره، مثله مثل من سبقه وجميع المسئولين الموجودين على رأس العمل، كالمحافظ ومدير الأمن ورؤساء المديريات ووكلاء الوزارات إلخ، بشكل يومى وبطريقة تكاد تكون مستفزة، وهو يفتتح ويؤكد وينبه ويشدد.. إلخ، ومعظم هذه الأخبار لا تحمل من فن الخبر أى شىء، وتنشر الصحف الإلكترونية هذه الأخبار من باب التواجد ليس إلا، لحين وجود خبر «بجد» يحمل أنباء تهم الناس والمجتمع!
وصحيفة الجامعة مثلاً لن تنشر أى جديد يهم المستهدفين من إصدار المطبوعة فكل القرارات المهمة تنشر فعلاً فى الصحف، ثم إنها لن تنشر بطبيعة الحال أخبار «محرقة» نفايات مستشفى الجامعة والتى تنشر الوباء لسكان منطقة النادى وشارع المعلمين بفوهات الدخان الناجم عن حرق مخلفات العمليات الجراحية والولادة وحرق القطع البشرية الخارجة من غرف العمليات، ولا تقاعس المسئولين فى مواجهة شكاوى المواطنين من مخالفة الجامعة لقانون البيئة، والسرقات العلمية فى بعض كليات الجامعة والإهمال الطبى فى المستشفيات وسوء معاملة المرضى وقذارة عنابر الطوارئ والبدلات التى تصرف والصراع على المناصب الشاغرة والوعود الممنوحة والتنافس على صرف المكافآت، وصور الحراسة الخاصة لسيادتة والتى تعتبر أحدث صيحة فى عالم رؤساء الجامعات، إلخ.
ولن تنشر بعض التصرفات التى لا تليق بالمسئولين ولا قيام بعضهم بالإساءة لموظفين كبار، بلا مبرر ولا منطق، واستبعاد بعضهم بطريقة مهينة وعلى الملأ، أو حتى خبر مظاهرات الممرضات ضد مسئول المستشفى الفرنساوى ومطالبتهن بإقالته والأسباب التى استدعت ذلك؟!
العمل الجاد يرصد والعمل التافه يتابع من كل الصحف الورقية والإلكترونية وبالتالى صدور نشرات للتلميع يجب التصدى لها والتعامل معها على أنها فساد ونفاق ليس إلا هذه النشرات يجب منع صدورها فى الوزارات والمحافظات والجامعات، بل ومحاسبة من شرع فى إصدارها وكأنه فتح عكا «لامؤاخذة»
مش كتر فلوس ونهم نفاق وركوع، والعياذ بالله؟!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف