لا أدري ما علاقة الأدب العربي بعالم إسلامي كبير وداعية شهير مثل الشيخ محمد متولي الشعرواي رحمه الله؟ وكيف يجرؤ أستاذ جامعي علي سب وإهانة الداعية الشهير في كتاب يدرس علي طلاب كلية التربية بجامعة دمنهور تحت عنوان"دراسات في الأدب العربي المعاصر"؟ وكيف نشغل طلاباً يدرسون في مرحلة جامعية بإسفاف يمارسه أستاذ جامعي لا يعي تداعيات ما أقدم عليه وجلب لنفسه غضب واستياء أساتذة وطلاب الجامعة الذين ثاروا عليه مما دفع رئيس الجامعة الي وقفه عن عمله وإحالته الي لجنة تأديب.
الشيخ الشعراوي- رحمه الله- بشر يخطئ ويصيب وليس فوق النقد- بالتأكيد- لكن من يقيمون نشاط الداعية الراحل ويحكمون عليه هم علماء الإسلام أمثاله الذين يملكون مقومات نقده وتقييم علمه ووزن جهده الدعوي.. وليس باحثا في الأدب يجهل معظم تعاليم دينه. وقد لا يكون ملما بآداب الوضوء من أمثال هؤلاء المنفلتين الذين ابتلينا بهم في مصر وتعلو أصواتهم بما يؤكد جهلهم وعدم وعيهم بخطورة ما يقدمون عليه.
لقد قال رئيس جامعة دمنهور الدكتور عبيد صالح الذي أحال أستاذ كلية التربية المتهور للتحقيق كلاما مهما لوسائل الاعلام يؤكد إدراكه لخطورة صدم مشاعر الناس بكلام مسف في كتاب جامعي عن داعية له مكانة كبيرة في نفوس الجماهير مثل الشيخ الشعراوي. وهذا الوعي وذاك الحس السياسي يغيب للأسف الشديد عن كثير من الذين ابتليت بهم الجامعات المصرية وصورت لهم نفوسهم المريضة أنهم أصبحوا مفكرين وباحثين في كل شيء. وأن من حقهم أن ينشروا بين طلابهم ما يشاءون من الأفكار حتي ولو كانت شاذة وغريبة ولا علاقة لها بالعلم والبحث العلمي.
قلت من قبل وأكرر أن مثل هذه الآراء النشاز تسهم بنصيب وافر في تغذية تيار التطرف الديني وقد سبق وتحاورت مع العديد من العناصر المتشددة وسمعت مبرراتها ومن بينها مواجهة هؤلاء المنفلتين المسفين.. بل إن بعض المتطرفين يوجهون لنا اتهاما بمواجهتهم وترك هؤلاء الذين يعادون الاسلام ويتطاولون علي علمائه وشيوخه.
لو اردنا حشد كل مؤسسات الدولة ضد التطرف الحقيقي الذي يهددنا يجب أن يتوقف أدعياء العلم والأدب والثقافة والفكر في مصر عن هذا الاسفاف ويجب أن يتعامل الجميع بأدب واحترام مع العلماء الذين أفنوا حياتهم في سبيل هداية الناس الي تعاليم الإسلام الصحيحة.
لا ينبغي أن نترك مدرس جامعة مغموراً يتقمص دور البطولة الوهمي ويتطاول علي عالم بحجم ووزن الشعراوي تحت ستار البحث العلمي أو حرية الفكر كما فعل مدرس كلية التربية بجامعة دمنهور الذي تخصص في الأدب ولا يستطيع أن يحفظ بعض أبيات الشعر التي كان يحفظها ويرددها الداعية الراحل كما يعجز هو وأمثاله عن الحديث في الأدب والنقد الأدبي كما كان يتحدث الداعية الكبير.. كما لا ينبغي التهاون مع هؤلاء المغمورين الذين يبحثون عن شهرة زائفة بالتطاول علي علماء كبار لهم رصيد كبير من الحب والاحترام في قلوب الجماهير.
الغريب والعجيب أن شجاعة هؤلاء المغمورين لا تظهر إلا في التطاول علي علماء الإسلام ولا يجرؤ واحد منهم علي التطاول علي رجل دين آخر أو رمز ديني غير إسلامي.. فهم علي الإسلام وعلمائه "أسود" وعلي غيره "نعام".
الحقيقة التي لا يدركها هؤلاء المنفلتون فكريا وثقافيا أنهم بهفواتهم يهدرون ما تقوم به مؤسسات الدولة الدينية والفكرية والثقافية التي تحاول تأكيد أنها تعمل علي ترسيخ قيم التدين الصحيح وأن الدولة تدعم كل القيم الإسلامية النبيلة وتحافظ علي مكانة العلماء.
هؤلاء المنفلتون للأسف يقدمون مبررا قويا للعناصر المتطرفة لأنهم يرون في مزاعمهم وتطاولهم مبررا لتشددهم ورمي المتطاولين بالكفر نتيجة هفواتهم ودعواتهم المرفوضة دينيا.. بل ويعتقدون أن الدولة تدعم هذه الأصوات النشاز.. وهذا في الواقع غير صحيح.. وبذلك يدعم هؤلاء التطرف والارهاب من حيث لا يدرون.. أو لعلمهم يدرون ولكن لا يعبون بنتيجة ما يفعلون.. وهي السفاهة بعينها التي أعيت من يداويها!!