فيتو
محمد نوار - أبو شادوف
الغرب الفاجر.. والعرب في أيِ مقبرةٍ يُدْفَنون؟
الحرية حلم الإنسان في الأرض، ربما خروج سيدنا آدم والتمرد على حياته في الجنة، كانت صورة من صور التحرر الذي تجاوز الضوابط السماوية، التي يجب الالتزام بها لأنها أمر من الله سبحانه وتعالى، وأتذكر الحوار الذي دار بين الله سبحانه وتعالى وإبليس، الذي كان يعرف بشدة إيمانه بالخالق ويطلق عليه في الجنة "طاوس الملائكة" حوار طويل، وكان الله عز وجل قادرا على سحقه أو إجباره على الإيمان بسيدنا آدم، ولكن تركه يبرر رفضه للسجود لسيدنا آدم.

بل واستجاب لحكمة ربانية بتركه ليحاول إغواء البشر، والحقيقة أن الحرية وملف الحريات في العالم من أهم الملفات المزعجة التي تستخدم ضد عالمنا الثالث، ودائما نحن متهمون بأننا لا نتمتع بالحريات، ونحن نقتل ونربى الرعب والإرهاب للعالم، في حين وبنظرة بسيطة وبدون أي دراسات عميقة سنكتشف أن الغرب الذي يرفع راية التحضر والرقى هو الذي دمر العالم مرتين في القرن العشرين.

في الحرب العالمية الأولى في أوائل القرن العشرين، والمرة الثانية في منتصف القرن نفسه (1939-1945) فيهما فقط تم تدمير العالم المسمى بالمتحضر وأيضا الدول التي كانت تحت استعمار الدول المتحضرة (إنجلترا -فرنسا-إيطاليا ) وراح عشرات الملايين من القتلى وأكثر منهم مصابين، بل من عاش منهم ظل يعانى بعاهة أو مريض مثل ضحايا القنبلة الذرية في هيروشيما ونجازاكى باليابان، حتى هتلر وموسولينى كان من الغرب المدعى التحضر..

الغريب العالم المسمى بالمتحضر تجاهل مثلا القهر الذي عاش فيه السود في أمريكا لنهاية الستينات وحتى الآن يعانى السود داخل أمريكا، من الذي أشعل الحرب مع كوبا!؟ أمريكا! من الذي أشعل الحرب الفيتنامية؟ أمريكا! الحرب في أفغانستان!؟ أمريكا! مؤكد ملف الغرب طويل ومليء بالجرائم التي يحاكم أصحابها عليها، تخيل طفل أمريكا تونى بلير رئيس الوزراء الأسبق في إنجلترا يقول: كانت الحرب على العراق بتقارير مضللة وخاطئة!!

يا حلاوتك يا سيدى.. يتم تدمير دولة تماما وتشرد الملايين، وقتل ملايين وبكل بساطة يعترف بخطأ الحرب، وشكرا!

الذي ذكرنى بهذا كله مقال صغير كتبه الناقد والروائي سيد الوكيل بمناسبة يوم حرية الصحافة العالمي، فقد شاهد قناة dw الألمانية تذيع فيلما وثائقيا عن صناعة الموت في ألمانيا -غاية في حرية التعبير والديموقراطية- وعرض الفيلم معلومات مرعبة، مرعبة لكل صاحب عقل، فقد كشف الفيلم أن ألمانيا تمتلك مصانع لصناعة أسلحة شديدة التدمير في إيطاليا وجنوب أفريقيا وأمريكا، هذه الأسلحة تصدر لدول عديدة، لكن..

منظمة حقوق الإنسان لا تستطيع إدانة ألمانيا ولا إيطاليا ولا أمريكا ولا جنوب أفريقيا رسميا، لماذا؟ ألمانيا بيضاء اليد لأن القانون الألماني يمنع تصدير الأسلحة من ألمانيا، وأسلحتها تصدر من إيطاليا.

ولكن إيطاليا بيضاء اليد.. لماذا؟ لأن القانون الإيطالي يمنع إيطاليا من بيع الأسلحة، والمصانع ملك ألمانيا، وأيضا جنوب أفريقيا بيضاء اليد.. لماذا؟ لأنه لم يعثر على سجلات تؤكد تصديرها للأسلحة، وحتى أمريكا بيضاء اليد.. لماذا!؟ لأن المصنع الذي على أرضها ليس أمريكيا، والقانون الأمريكي لا يسمح بمراقبته!

المسلسل لم ينته، أو قل المؤمرة على العالم، أين منظمة هيومن رايتس!؟ وهذه المنظمة تدين من!؟ حذر فزر صديقى القارئ!؟ تدين الدول التي تشترى الأسلحة! لماذا!؟ لأنهم دول مصدرة وممولة للإرهاب! ودول غير ديمقراطية!

ما رأى الذين يسخرون من نظرية المؤامرة !؟ لقد تم وضع نظام دولى محكم وبالقانون، لا أحد يستطيع توجيه اللوم لأى من الدول التي وضعت نظاما جهنميا لتدمير من تريد وتهدد من تريد، تبيع للشرق السلاح ثم تتهمنا بكل النقائص التي ربما لا تخطر على بال، منظمة هيومن رايتس ألا تعلم ما جاء في الفيلم الألمانى الذي شاهده الألمان وغيرهم؟!

عندما ندعو بأهمية دور المجتمع المدنى، فإننا نريد مجتمعا وطنيا يعمل على بناء الوطن وليس مجتمعا مدنيا يتآمر على بلده، للأسف الجماعات الحقوقية صناعة أوروأمريكية وتلعب أدوارا استعمارية متذ نشأتها تحت يافطة الحقوق المدنية للأقليات والاثنيات والعرقيات والدكتاتوريات، وهذا يعلمه ويدركه كل صاحب عقل وينتمى لتراب وطنه!

مخطئ من يعتقد أن الغرب يريد لنا خيرا، بل هو يجعلنا مصدر خير له دائما، فلولا الحروب في الشرق الأوسط وحالة الرعب التي يخلقها الغرب وخاصة أمريكا حول الكثير من الحكام العرب، لتوقفت مصانع السلاح، من يصدق أن قطر التي هي أصغر من أي حى في القاهرة تعد من أكثر الدول في العالم شراء للسلاح، لهذا سيظل الغرب وراء القلاقل التي تحدث في المنطقة لتصدير منتجات مصانع الأسلحة ويضع يده على كل بترول العرب، ومن جهة أخرى يجعل هذه الدول تحت ضغط منظمات حقوق الإنسان التي تتآمر علينا، ولتكتمل الدائرة الجهنمية حولنا، فهل سنفيق يا عرب!؟ هل سندرك أننا في الطريق الخطأ!؟

اللهم خيب ظنى وظن نزار قبانى حين قال:
أنا منذ خمسينَ عام
أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى – مجازا – بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حينا
وحينا رسمت بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ…
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟
ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ…
وليس لديهم بَنونْ…
وليس هنالك حُزْنٌ،
وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف