المساء
على فاروق
نعم نستطيع.. واسألوا "صلاح"!!
لاشك أن العديد من الشباب يعاني حاليا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد لتحقيق أحلامه في الحصول علي فرصة عمل أو تكوين أسرة صغيرة.
هناك أكثر من 800 ألف شاب يتخرجون كل عام من الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة والدبلومات الفنية سواء التجارية أو الصناعية أو الزراعية.. بينما فرص العمل المتاحة تكون محدودة وغير قادرة علي استيعاب كل هذه الأعداد الهائلة التي تتخرج كل عام!!
مشكلة كبيرة بالفعل تواجهها الحكومة الحالية.. بعد أن تجاهلتها كل الحكومات السابقة علي مدي اكثر من 32 عاما وبالتحديد منذ عام 1986 عندما قرر الرئيس الأسبق حسني مبارك التوقف عن تعيين الخريجين في المؤسسات والمصالح الحكومية عن طريق القوي العاملة وذلك بعد أن أصبح الجهاز الحكومي متخما ومكدسا بملايين الموظفين أغلبهم لا يؤدي عملا حقيقيا وبالتالي أصبح يمثل عبئا هائلا علي ميزانية الدولة.
قررت حكومة مبارك في ذلك الوقت وقف تعيين الخريجين في الحكومة ولكنها لم تقدم البديل لهؤلاء الشباب الذين يتخرجون كل عام بعد دراسة سنوات طويلة ليجدوا انفسهم بعد تخرجهم بدون أي أمل في الحياة فلا وظيفة في الحكومة أو حتي القطاع الخاص ولا توجد لدي أغلبهم امكانيات مادية لإقامة مشروعات صغيرة وبالتالي لا توجد أمامهم فرصة للزواج وبدء حياة جديدة.. الأمر الذي أدي إلي زيادة نسبة البطالة بصورة كبيرة حتي وصلت إلي ما نحن فيه الآن.. واصبحت الحكومة الحالية مطالبة بإصلاح كل أخطاء الحكومات السابقة علي مدي الـ 32 عاما الماضية.. واصدار قرارات صعبة لربط التعليم بسوق العمل وهو الشعار الذي رفعته كل الحكومات السابقة والحالية ولم تستطع تحقيقه حتي الآن.
علي الجانب الآخر لابد أن نعترف أن الشباب يتحمل أيضا جانبا من المسئولية في زيادة نسبة البطالة عاما بعد عام.. فكل امانيه تنحصر في الحصول علي وظيفة حكومية بأي ثمن رغم أنه يدرك ان هذه الوظيفة الحكومية لا تسمن ولا تغني من جوع.. فمرتبها محدود ولا يفي متطلبات الحياة ولا بتحقيق أحلامه في الزواج.
لم يفكر العديد من شباب هذه الأيام في العمل علي اكتساب مهارات جديدة تفتح لهم ابواب العمل في المجالات المختلفة بعد أن تبين لهم أن دراساتهم النظرية بالجامعات لا قيمة لها!! واصبح كل ما يفكر فيه الخريج هو الحصول علي وظيفة حكومية يجلس فيها علي مكتب ولا يؤدي عملا حقيقيا ويظل ينتظر كل شهر الجنيهات القليلة التي يحصل عليها ثم يظل يبحث عن العلاوة أو المنحة!!
في الوقت الذي كشفت فيه الاحصائيات الحديثة أن الكثير من المصانع ومواقع الإنتاج تبحث عن شباب للعمل في مجالات مختلفة ولا تجدهم لأنها تتطلب مهارات معينة غير موجودة في سوق العمل المصري مشكلة غالبية الشباب أنهم يبحثون عن الثراء السريع دون تعب ولا عمل وبدون بذل أي جهد.
علي هؤلاء الشباب أن يتعبوا ويجتهدوا حتي يحققوا أحلامهم وعليهم أن يقرأوا عن قصص نجاح العديدين الذين بدأوا من الصفر حتي اصبحوا الآن من المشاهير واصحاب المليارات.
عليهم أن يتعلموا من الشاب المصري محمد صلاح الذي ولد في قرية فقيرة اسمها "نجريج" لم يكن أحد يسمع عنها.. واصبحت الآن من اشهر القري علي مستوي العالم كله.
لم يستطع "صلاح" تحقيق احلامه في الالتحاق بالتعليم بسبب ظروف اسرته المادية الصعبة ولكن كان لديه "حلم" يسعي لتحقيقه.. كان يحلم بأن يكون لاعبا كرويا مرموقا ومشهورا.. وعمل علي تحقيق هذا الحلم من خلال الإدارة القوية والتصميم والتحدي لكل العقبات والعراقيل.
حاول تحقيق هذا الحلم من خلال الانضمام إلي صفوف أقوي وأشهر الأندية المصري والأهلي والزمالك.. لكنه فشل في تحقيق ذلك.. ولم ييأس أو يصاب بالإحباط.. بل أصر علي لفت الأنظار إليه وهو يلعب في فريق "المقاولون العرب" ولم يكن عمره يزيد علي 17 عاما فقط.. حتي التقطته العيون الخبيرة لتنقله إلي الدوري الأوروبي من خلال نادي بازل السويسري.. واستطاع بالجهد والعرق والصبر أن يثبت وجوده ويحقق بطولة الدوري لهذا العام وأن يصل به لأول مرة في تاريخه إلي الدور نصف النهائي لبطولة الأندية الأوروبية!!
وكانت أحلام "صلاح" أكبر من ذلك فانتقل إلي الدوري الانجليزي من خلال الانضمام لفريق "تشيلسي" وهو من أكبر الأندية الانجليزية.. إلا أن المدرب "مورينيو" وهو من عظماء التدريب في العالم لم يعط له فرصة للظهور وكان يلعب دقائق قليلة.. ولم ييأس صلاح ولم يصب بالاحباط خاصة أنه فوجئ بالكثيرين يقولون إنه لاعب عادي ولا يستحق اللعب في الدوري الانجليزي.
وجاءت له الفرصة للانتقال إلي الدوري الايطالي من خلال الانضمام لنادي "فورنتينا" ثم إلي نادي العاصمة "روما" وهناك تألق بشكل كبير حتي اصبح نجم الفريق الأول.. وعادت الأندية الانجليزية تسعي للحصول عليه حتي فاز به نادي "ليفربول" أحد أكبر الاندية الشعبية هناك وكان استقباله حافلا من جماهير النادي.. ولم يخيب "صلاح" آمال هذه الجماهير واستطاع خلال موسم واحد فقط أن يحقق ارقاما مذهلة ويحطم أرقاما قياسية عديدة.. واختير بحق من رابطة المحترفين بانجلترا أحسن لاعب في الدوري الانجليزي هذا العام.. كما أصبح هدافا للدوري الانجليزي برصيد 32 هدفا حتي الآن وباقي له مباراتان يستطيع خلالهما زيادة رصيد أهدافه.
واصبح الكبار والصغار في انجلترا يغنون له الأغنية الشهيرة "مو صلاح" "الملك المصري" وأصبح علم مصر برفقة مشجعي ليفربول في المدرجات الانجليزية.. واصبح الاطفال الانجليز يقلدون "صلاح" وهو يسجد لله شكرا بعد تسجيله كل هدف.. حتي أن داعيا سعوديا قال إن ما يفعله "صلاح" في أوروبا أفضل من ألف خطبة يلقيها كبار علماء الدعوة الإسلامية.
ساهم "صلاح" في تغيير نظرة الشعب البريطاني إلي المسلمين بعد أن شاهدوا اخلاقه وتواضعه واحترامه لكل الناس مهما كانت اديانهم.. وبالتالي انخفضت إلي حد كبير الاعتداءات التي كانت تحدث ضد المسلمين في بريطانيا.
شكرا "محمد صلاح" لقد اعطيت لنا درسا وأملا في أننا نستطيع أن ننجح ونتفق كل في مجاله وأن نتخطي كل المحن والأزمات.. بالمزيد من العمل والصبر.. والتحلي بالأخلاق الحميدة والتواضع واحترام "الغير".
يجب علي كل شاب مصري أن يتعلم من "صلاح" وقصة نجاحه التي ابهرت العالم كله وجعلتنا فخورين بمصريتنا.. وأن يدرك ان الاصرار والعزيمة وعدم اليأس هو السبيل الوحيد لتحقيق كل أحلامه.
حفظ الله مصر وشعبها وقيادتها من كل سوء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف