الأخبار
الهام ابو الفتح
نظام التعليم الجديد.. محدش فاهم حاجة
لحظة صدق
وسط الطواريء التي تشهدها البيوت بسبب دخول موسم الامتحانات ووسط التوتر مع اقتراب شهر رمضان، يظهر لنا فجأة موضوع جديد يزيد التوتر والقلق والرعب، نظام جديد للتعليم حاول الجميع أن يفهم ماهيته دون جدوي.. فمنذ 20 عاما ونحن نسمع عن تطوير التعليم ويبدو أن حظ ابنائنا العاثر أن كل وزير يضع نصب عينيه أن يترك بصمة وكل وزير يصر أن تكون بصمته اختراع الذرة،فمع كل وزارة جديدة نسمع كلمات عن تطوير التعليم،ومنع الدروس الخصوصية.. وهذه الوزارة أضافت لعبة جديدة،يعتبرها الخبراء التطور الطبيعي للبوكلت الذي تم تطبيقه لمنع الغش في الثانوية العامة العام الماضي.. والتطورالجديد اسمه التابلت.. وهو ليس بجديد فقد تم طرحه قبل ذلك وفشل.. وهكذا صرنا نكرر ما قتل بحثا،نلغي 6 ابتدائي.. نعيد 6 ابتدائي، الثانوية العامة عام واحد.. لا بل ثلاثة أعوام.. لا بل عامان.. وهكذا تمخض الجبل بعد 14 شهرا من الانتظار والمناقشات السرية ودراسة تجارب أوروبا واليابان والدول المتقدمة،عن نظام أعلن تفاصيله بنفسه الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم أهم بنوده: تدريس جميع المواد باللغة العربية حتي الصف السادس الابتدائي،ثم تدريس العلوم والرياضيات بالانجليزية ابتداء من الصف الاول الاعدادي،وأنه لا توجد دولة في العالم تدرس دروسها ومقرراتها التعليمية بلغة غير لغتها،فالوجاهة الاجتماعية تقتضي أن ندرس بلغتنا الأم أولا
وأن الطفل في سنوات عمره الاولي لابد أن يتعامل مع لغته الأم بالقراءة والكتابة لضمان ثبات لغته الاصلية في ذهنه حفاظًا علي هويته المصرية
ومع كل التقدير والاحترام لخطة معالي الوزير وتأثيرها علي تعميق الإحساس والاعتزاز والروح الوطنية عند النشء،هل يضمن لنا معاليه أن فرص العمل التي ستتاح لخريجي مدارس الحكومة بعد الجامعة هي نفس الفرص التي تتاح لخريجي مدارس الدولي واللغات في الشركات الاستثمارية والدولية ؟.. وهل المنح التي تقدمها الجامعات الأجنبية للدراسة بها والتي تفتش عن كل أصل وفصل المتقدمين إليها ستتاح لهم أيضا ؟
ومع احترامي لمزايا النظام الجديد الذي أعلنه السيد الوزير بأن الطالب سيدرس "لغة عربية أصيلة + ٢ لغة أجنبية + مهارات القرن الحادي والعشرين " وأن الطلاب سيبدأون دراسة العلوم والرياضيات بالإنجليزية من الصف الأول الإعدادي، بالإضافة إلي تدريس لغة أجنبية ثانية يختارها الطالب وهو مايعني عمليا إلغاء المدارس التجريبية التي تدرس جميع المواد بالانجليزية، وكانت هي الملاذ لتعليم أبناء الطبقة المتوسطة باللغات بأقل المصروفات ليكونوا مؤهلين بعد ذلك لسوق العمل وأن هذه المدارس اكتسبت سمعة طيبة أدت إلي وجود قوائم انتظار وسباق للإلتحاق بها حتي لو تأخر الطفل عاما أو اثنين،فهل سيكون النظام الجديد هو بديل كاف لتلك المدارس التي يستند اليها ابناء الطبقة المتوسطة ؟
وإلي أن يتم توضيح هذه المزايا فيما يتعلق بفرص العمل والدراسة الجامعية وحق الطبقة المتوسطة في دراسة اللغات،فإنني أطالب "بدقيقة وضوح لله " مع الاعتذار للشاعر الكبير بيرم التونسي،لأن محدش فاهم حاجة.. واعتبر القرار ظلما للشريحة الكبري من المجتمع،وأري أنه لا تعارض بين الهوية المصرية وتعليم اللغة الأم وبين تعليم لغة عالمية علي الأقل هي كلمة المرور لسوق العمل في المنطقة والعالم،فالهوية لاتعني التراجع ولا التخلف ولا البعد عن لغات العلوم والتقدم الدولية
ودليلي أن الدول التي كانت تعمل تحت شعار الحفاظ علي الهوية القومية إلي درجة التعصب وترفض تعلم لغات أخري أو التخاطب الرسمي بها مثل ألمانيا وفرنسا وايطاليا انفتحوا علي تعليم أبنائهم اللغات الأخري ويبقي في النهاية أن التقدم والحضارة هي التي تفرض لغتها وعندما كانت الحضارة العربية في أوج تقدمها في الآداب والهندسة والطب والفلك.. كان العالم كله يسعي للغة العربية باعتبارها لغة العلم والتقدم!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف