الوطن
أحمد ابراهيم
أزمة حجز الدروس الخصوصية!!
فى الوقت الذى يعلن فيه د.طارق شوقى وزير التربية والتعليم رؤية شاملة لتطوير التعليم كان أولياء الأمور يشتكون من عدم وجود فرص لأبنائهم فى مراكز الدروس الخصوصية للعام المقبل، فمعظم (السناتر) اكتملت وأغلقت أبوابها رغم أن هدف التطوير استعادة دور المدرسة فى التربية والتعليم والقضاء على الدروس الخصوصية ولكن واضح أن الأهالى فى وادٍ آخر، مشكلة الدروس يعانى منها كل بيت، الغنى والفقير، والوزير والخفير، طلاب المدارس الحكومية والخاصة والدولية والأزهرية وحتى الجامعات، وتستنزف ميزانية المواطنين، ولا أعرف هل سببها نظام التعليم أم ثقافة المجتمع أم الأهالى أم الطلاب أنفسهم..

كان وما زال عندى أمل القضاء على هذا السرطان الذى ينهش فى جسد البلد فمراكز (سناتر) الدروس الخصوصية تحتل عمارات كاملة مثل مدرجات الجامعة بل أفضل لأنها مكيفة الهواء ومزودة بشاشات عرض ومكبرات صوت وأجهزة حديثة للحضور والانصراف (البصمة) بعضها له أكثر من باب ومداخل ومخارج سرية لزوم الهروب وقت الحملات الأمنية وتتستر أحياناً خلف المساجد والجمعيات للحصول على تراخيص بمزاولة أنشطة خيرية، عدد الطلبة «السنتر» أضعاف الفصل المدرسى ومع ذلك الطلاب يفضلونه ويكرهون المدرسة.. لماذا؟ أيضاً نفس المدرس يتقن عمله فى المراكز الخاصة عن المدرسة!!

أما الكارثة الحقيقية أنها قضت تماماً على دور المدرسة وهيبة المدرس لأنه أصبح فى نظر الطالب سلعة يشتريها بأمواله كما قضت على منظومة القيم والأخلاق التى كانت تغرسها المدرسة فى نفوس الأطفال منذ الصغر ودمرت الأنشطة التى تشكل وجدانهم وتكتشف مواهبهم، أيضاً لا تسمح للطالب بالاستمتاع بحياته؛ فالعرض مستمر، قبل أن تنتهى الامتحانات تبدأ الدروس للعام التالى.

القضاء عليها يكون من خلال إصلاح منظومة التعليم بالكامل مناهج ومدرسة ومدرس ويتحول من تعليم للحصول على شهادة لا تسمن ولا تغنى من جوع إلى تعليم لبناء الإنسان الذى يبنى الأوطان.

أفقر ولى أمر فى مصر ينفق آلاف الجنيهات على الدروس الخصوصية وأعتقد أنه لن يمانع بالمساهمة مع الدولة بجزء مما ينفقه على الدروس فى مقابل أن يتلقى أبناؤه تربية وتعليماً حقيقياً فى المدرسة ويرحمهم من الوجود طوال النهار فى الشوارع من درس إلى درس ومن بيت إلى بيت وما يصاحب ذلك من مخاطر كثيرة.

إعلانات مراكز الدروس الخصوصية فى كل مكان والدولة قادرة على غلقها ومحاكمة أصحابها فى لحظات ولكن أين البديل؟ فالأهالى والطلاب يرونها الحل فى ظل غياب دور المدرسة.

خطة تطوير التعليم، كما أعلنها الوزير، تهدف إلى بناء شخصية تجمع بين الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية وتقديم أنشطة متعددة تعمق ثقافات المواطنة والانتماء والثقة بالنفس وقبول الآخر وإعداد شاب ناقد مبدع مبتكر قادر على حل المشكلات كما تهدف إلى ربط التعليم بسوق العمل مع توفير التعليم بجودة عالية وبالمجان.

ختاماً.. إصلاح التعليم وعودة دور المدرسة بمثابة دعم نقدى كبير من الحكومة للشعب يتمثل فى توفير آلاف الجنيهات التى ينفقها المواطنون على الدروس الخصوصية والتعليم الخاص.

وإذا كانت الخطة التى أعلنها الوزير هى الأمثل يجب دعمه وتسويقها جيداً وإذا كانت غير ذلك أتمنى سرعة إنهاء الجدل حولها حتى يستقر المجتمع فنحن فى غنى عن أزمات جديدة.

وتحيا مصر.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف