تداعت. في تلافيف الذاكرة. وأنا اقرأ نص "مبادرة" الأخ "عبدالمنعم أبو الفتوح". الأخيرة سطور قصيدة "لا تصالح". التي كتبها أمير شعراء الثورة والتحدي. "أمل دنقل". الذي كان من حسن طالعي التعرف عليه. مع شقيقي روحه وفنه: الشاعر الكبير "عبدالرحمن الأبنودي". والقاص والحكاء العظيم "يحيي الطاهر عبدالله". بعد أن كتب "أمل" رائعته: "أغنية الكعكة الحجرية". تمجيدا لانتفاضة الطلاب الوطنية الديمقراطية. التي طالبت بتحرير الأرض المحتلة بعد زلزال 5 يونيو 1967. والتي كان لي شرف المشاركة في قيادة وقائعها وأحداثها.
فالأخ "عبدالمنعم". لا يكف عن انتاج واعادة انتاج "مبادرات" من كل نوع وصنف. بهدف مساعدة "الأخوة" في جماعة "الإخوان" الإرهابية. في الخروج من المأزق التاريخي. الكارثي. الذي وضعت نفسها فيه. بغبائها وعمالتها. واستسهالها القتل والتخريب. وتلويث يدها بدم الشعب المصري. وتآمرها مع أعداء الوطن. نكاية في الملايين التي أطاحت بها يوم 30 يونيو 2013. وتحت وهم استعادة السلطان والهيلمان. غير مدرك. ولا مدركين. أن ما راح انتهي وانقضي عهده. وأنه لو انطبقت السماء علي الأرض لن تعود جماعته إلي كرسي عرش مصر. لا لشئ إلا لأنها بالأساس. قد فقدت تعاطف الشعب معها. ويقول علم السياسة أن من سقط في امتحان القبول الشعبي. لا يمكن ان تقوم له قائمة أبدا. أو ينهض من رقدته. مهما نفخوا في صورته!.
والمذهل. الذي يعكس اغترابا كليا عن الواقع. ومعايشة لانهائية للتصورات الوهمية. هو ان الأخ "عبدالمنعم". يبدو في مبادرته الأخيرة. علي درجة عالية للغاية من الانفصال عن حقائق الحياة. حين يطالب بتنحية السيسي. واجراء انتخابات رئاسية مبكرة. "طبعا يمني النفس. التي هي أمارة بالسوء. أن يكون هو الفائز فيها"! مع الافراج عن كل القتلة. والمجرمين. والإرهابيين. والتكفيريين. والخونة. وناقضي العهد والدين. وفي مقدمتهم أعضاء جماعة "الإخوان المجرمين"... الخ مع تشكيل حكومة جديدة "لابد بالطبع في الخيالات الفتوحية. أن تكون من "العلماء". "أهل الحل والعقد". من نوع عبدالرحمن البر. وبرهامي. والحويني. وغيرهم! الذين يتمتعون بحس تكفيري رفيع. أحال. ويحيل حياة المصريين إلي جحيم!
ويتصور الأخ "أبوالفتوح" أن 30 يونيو قابلة للتكرار. بصورة عكسية. بصيحة مدوية منه. وصرخة عنترية من جماعته. متجاهلا. أو غير واع. أن 30 يونيو. مادتها الخام الأولي هم ملايين المواطنين البسطاء. الذين ضاقوا ذرعا بحكم الاخوان. قبل الدولة. أو الجيش. أو النخبة المثقفة. أو الأحزاب السياسية. وغيرهم ممن شارك بقوة وحماس في ذلك اليوم الخالد. وخرجوا يهتفون: "الشعب يريد اسقاط النظام".. "يسقط يسقط حكم المرشد".. "ارحل.. ارحل"!
ويتجاهل. وهو الأخطر. أن هذه الملايين رغم معاناتها ومكابداتها اليومية. تعي حرج اللحظة. وتتحمل الضغوط الهائلة التي تثقل كاهلها. آملا في أنه بعد تحجيم خطر الإرهاب. ستنال حقها "تالت متلت". دون انتفاض أو مداورة. وهو الوضع الذي لم يكن قائما أيام حكم "الاخوة" الذين نجحوا خلال فترة قياسية بالغة القصر. في نيل كراهية الشعب. بكل طوائفه وطبقاته. حتي تمنوا وعملوا علي زوال حكم "الجماعة" وهو من صنع اليوم التاريخي: 30 يونيو!
***
ولم أجد ما يرد علي مبادرة. أو "مناورة". الأخ "أبو الفتوح" أبلغ من كلمات "أمل" العظيم. رحمه الله:
"لا تصالح"!
ولو منحوك الذهب
أتري حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما ..
هل تري ..؟
هي أشياء لا تشتري ..!
لا تصالح علي الدم.. حتي بدم!
لا تصالح ! ولو قيل رأس برأس
أكل الرءوس سواء؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوي يد .. سيفها كان لك
بيد سيفها أثكلك ؟
***
لا تصالح
ولو توجوك بتاج الامارة
كيف تخطو علي جثة ابن أبيك؟
وكيف تصبر المليك ..»
علي أوجه البهجة المستعارة ؟
***
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدام:
".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام!
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار ان تتنفس
ولسان الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام!
***
لا تصالح
ولو شدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاء
وتبدي لمن قصدوك القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرا يطول
فخذ الآن ماتستطيع:
قليلا من الحق ..
في هذه السنوات القليلة
انه ليس ثأرك وحدك
لكنه ثأر جيل فجيل
وغدا ..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملة
يوقد النار شاملة.
يطلب الثأر.
يستولد الحق.
من أضلع المستحيل !
***
لا تصالح
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
والرجال التي ملأتها الشروخ
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
لا تصالح
فليس سوي أن تريد
أنت فارس هذا الزمان الوحيد
وسواك .. المسوخ !
......
لا تصالح
لا تصالح