اول سطر
أمسكت ورقة وقلما وأخذت أقسم 28 مليونا علي ثلاثين وعندما خرجت لي أرقام وكسور عشرية تقل عن الواحد الصحيح بحثت عن الآلة الحاسبة فكانت النتيجة 933 ألف جنيه تقريبا.. هذا المبلغ ليس دخلي الشهري أو حتي السنوي ولكنه هو المبلغ المخصص في ميزانية الدولة للحماية والحفاظ علي كنوز ثلاثين محمية تغطي 150 ألف كيلو متر مربع من مساحة مصر شاملة أجور الحراس والباحثين وشراء المعدات وعربات الدفع الرباعي ولنشات المرور وبناء مراكز الأبحاث والرصد والصرف عليها!
يوم الخميس الماضي في »القاهرة» كانت دعوة كريمة ولقاء ودي لكبار الكتاب والصحفيين الذين زاروا محمية وادي الجمال بالبحر الأحمر وشاركوا في ورشة العمل الخاصة بالتنوع البيولوجي بمرسي علم مع الدكتور خالد فهمي وزير البيئة بعد أن منعته ظروف العمل وجلسة مجلس النواب من أن يكون معنا.. أضفي الدكتور خالد ببساطته وعلمه جوا من الراحة النفسية للقاء.. وكانت فرصة لي أن أفهم أشياء جديدة وأعرف أن حكومة »مصر الجديدة» بعد ثورة 30 يونيو لا تعمل بطريقة عشوائية بل تدرس وتخطط وتسير بخطوات ممنهجة لحل المشكلات البيئية مثل ما حدث مع »السحابة السوداء» وحرق قش الأرز التي كانت مشتعلة في عام 2014 واختفت الآن.
استمع الوزير في جلسة بعيدة عن الكاميرات لكل ما يجول بخاطرنا من تساؤلات وما بداخلنا من تعليقات ونقد لمنظومة البيئة واتسمت الجلسة التي استمرت 3 ساعات بوطنية وحب كل الحاضرين لبلدهم وحلمهم بأن تكون مصر اليوم وغدا أفضل من الأمس بعد أن أفاقت من وعكة »إخوان الشياطين».. عرفت من الدكتور خالد أن خطوات إنقاذ نهر النيل من التلوث تسير بخطوات متسارعة ولم يبق إلا تطوير مصانع قطاع عام تعد علي أصابع اليد بنيت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي وأهملت صيانتها.. وصحح لي الوزير ما كان لديّ من مفهوم خاطئ عن قيام أصحاب المصالح بعرقلة إصدار قانون السلامة الإحيائية مؤكدا أن هناك تكاملا وتناغما في العمل بين وزارات البيئة والزراعة والصناعة ومجلسي الدولة والنواب.
لقد فهمت ما يبذل من مجهودات للقضاء علي تلوث الهواء وتقييد الانبعاثات من المصانع والاتجاه لتعميق استخدام »المركبات الكهربائية».. ولكني مازلت مختلفا مع الدكتور خالد فهمي بأن دور الوزارة ليس فقط حماية وصون المحميات وتوفير فرص للسكان المحليين ولكن يمتد لتحقيق أقصي استفادة اقتصادية منها ومن المناطق المحيطة بها بالتنسيق والتخطيط مع المحليات وباقي أجهزة الدولة وعلي رأسها السياحة والصناعة.. كفانا قوانين بالية تعرقل وتخوِّن ولا تبني.