كلمة السر
مما يلفت النظر أن العديد من المحللين والكتاب والمؤرخين وخبراء الأمن، سواء من الإسرائيليين أو الأمريكيين لم يقتنعوا بما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في مؤتمر صحفي، قبل أيام، حول مواصلة إيران نشاطها سراً لإنتاج أسلحة نووية.
يقول »عوزي اراد»، المستشار السابق للأمن القومي في إسرائيل إن نتنياهو لم يقدم معلومات جديدة في الوثائق التي عرضها، ولم يقدم براهين وأدلة دامغة لما اعتبره انتهاكات إيرانية للاتفاق النووي. ويقول الباحث الإسرائيلي »روي كاهانوفيس» إن نتنياهو سعي إلي حمل الأوروبيين والرئيس الأمريكي ترامب علي الانسحاب من الاتفاق كأمر ضروري.
ويقول »دوف حنين»، عضو كتلة المعسكر الصهيوني، إن نتنياهو يعارض الاتفاق النووي ليس لأنه يحتوي علي نقاط ضعف، بل لأنه مقتنع بأن السبيل الوحيد الصحيح هو إخضاع إيران بالقوة، ومن أجل هذه الغاية.. يفعل كل ما في وسعه لإسقاط الاتفاق ولقيادة الغرب بزعامة أمريكا نحو مواجهة عسكرية مع إيران تقوم فيها إسرائيل بدور فاعل. وأضاف أن نتنياهو يقود إسرائيل إلي انتحار جماعي. وقال »يائير ليبد» رئيس حزب »يوجد مستقبل» الإسرائيلي إنه يعارض انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي دون دعم أوروبي.
ويري الكاتب الأمريكي جاستين ريموندو أن تصريحات نتنياهو لا تعدو أن تكون »أقل من .. لاشيء».. فالوثائق التي يتحدث عنها تدل علي صحة ما كنا نعرفه في السابق قبل توقيع الاتفاق، وهو أن إيران كان لديها برنامج نووي قبل عام ٢٠٠٣، ولكن هذا البرنامج توقف، ولم تحدث أي محاولة لتجديده.
وأضاف الكاتب أنه يبدو أن نتنياهو خشي أن يتردد ترامب في الانسحاب من الاتفاق بسبب لقاء القمة المقبل مع رئيس كوريا الشمالية، ويقول الكاتب الأمريكي الشهير »باتريك كوكبرن» إن نتنياهو كان عاجزاً عن تقديم أي دليل علي أن إيران انتهكت الاتفاق الموقع في عام ٢٠١٥، والوثائق التي تزن نصف طن وعرضها نتنياهو هي وثائق تاريخية تتعلق بالفترة السابقة علي ٢٠٠٣.
أما الكاتب والمحلل والمؤرخ الأمريكي جاريث بورتر فقد سخر مما قاله نتنياهو عن شحن ٥٥ ألف ملف و٥٥ ألف »سي. دي» من »موقع سري للغاية» في طهران علي أيدي المخابرات الإسرائيلية حيث قام القادة الإيرانيون بتخزين أكثر الأسرار العسكرية حساسية في كوخ صغير مسقوف بالصفيح دون حماية من الحرارة مما يتسبب في إفساد هذه »الثروة من المعلومات»!
بل إن شريط الصور الذي التقطه القمر الصناعي لهذا »المخزن» لا توجد به أية علامة علي وجود أي حراسة أو حتي باب مغلق بقفل عادي!
ويقول بورتر إنها وثائق »مفبركة» تم إعدادها في إسرائيل نفسها. ويلفت النظر أيضا أن تصريحات نتنياهو أدت إلي رد فعل عكسي، فقد صرح الكثيرون بأن الاتفاق النووي أدي إلي منع إيران من إنتاج قنبلة نووية. والملاحظ أن تصريحات نتنياهو لم تؤخذ بجدية، لأنه ظل يحذر منذ عام ١٩٩٢ بأن إيران توشك علي إنتاج أسلحة نووية. وظل يكرر تحذيره طوال السنوات الماضية. وفي عام ١٩٩٣ قال إنه يتوقع أن يكتمل صنع القنبلة الإيرانية في عام ١٩٩٩، وكرر أقواله حتي عام ٢٠٠٢!
ولكن ماذا عن أكثر من ٢٠٠ رأس نووي تملكها إسرائيل؟! ولم لا يتحدث عنها أحد؟