الأخبار
ابراهيم عبد المجيد
الإجابة تونس
مصر الجديدة

رغم اني ذهبت إلي تونس في زيارة ادبية لحضور مؤتمر عن الرواية والقدرة علي التغيير الا اني لم استطع الابتعاد عن ملاحظة الشارع. لفت نظري في شارع الحبيب بورقيبة لافتات عمالية ونقابية كثيرة تحذر من اي اعتداء علي الدستور. ولفت نظري انا الذي ذهبت من قبل بعد الثورة بعام اني لم اعد ألاحظ وجود منقبات كما لاحظت من قبل حين تولت جماعة الاخوان الحكم. كما ان عدد المحجبات صار قليلا جدا. ولاحظت ان المقاهي في هذا الشارع الذي هو نسخة طبق الأصل من شارع الشانزليزيه بفرنسا عامرة بالجالسين من الجنسين وان عدد الفتيات الانيقات في الشارع يفوق جدا عدد الشبان ولم ألاحظ أي حالة تحرش وعرفت أن هناك قانونا شديد العقاب للتحرش. وكان المؤتمر الثقافي في مدينة جديدة للثقافة عامرة بالقاعات للسينما والمسرح والأدوات ومن بينها مبني جميل الرواية اسمه بيت الرواية قام الروائي والكاتب المتميز كمال الرياحي بمجهود كبير بدءا من الدعوة اليه إلي التغلب علي كل الصعاب لتنفيذه. والحقيقة أن هذا المؤتمر هو نشاطه الأول الذي يفتتح به كمال الرياحي عددا مرموقا من اجمل كتاب العالم العربي. كان ضيف شرف المؤتمر الكاتب الليبي الكبير ابراهيم الكوني ومن مصر ذهبت انا والروائي الشاب احمد مجدي همام والصحفي الشاب بلال رمضان. وكتاب كبار من اكثر من بلد عربي. من المغرب محمود عبد الغني ومن الجزائر الحبيب السايح وامين الزاوي ومن تونس الحبيب السالمي المقيم في فرنسا وحسونة المصباحي المقيم بتونس ومثله مسعودة ابوبكر ومحمد علي اليوسفي وامال مختار وكمال الزغباني وحسن بن عثمان وامنة الرميلي ومحمد الجابلي ومحمود طرشونة وخيرية بوبطان وشفيق الطارقي ومن لبنان رشيد الضعيف وهدي بركات التي تقيم في فرنسا ومن العراق انعام كججي المقيمة في فرنسا ومن الكويت سعود السنعوسي ومن اليمن علي المقري ومن السودان بركة ساكن المقيم في النمسا. بعض هؤلاء الكتاب المقيمون في اوربا مهاجرون من بلادهم من زمان وبعضهم مهاجرون بغير ارادتهم. وكل من ذكرتهم لهم اسهاماتهم الروائية الهامة وترجمت اعمالهم او اكثرها إلي لغات اجنبية عديدة كما حاز بعضهم علي جوائز محلية هامة او عربية او عالمية. كان الحضور من الجماهير المحبة للادباء كبيرا ولافتا وكان النقاش جادا ورائعا وعبر ستة لقاءات في ثلاثة ايام نوقشت محاور هامة مثل الرواية والتغيير والرواية في مواجهة التحولات والازمات السياسية والخطر علي الرواية. تنوعت المداخلات ورغم العناوين الاقرب إلي السياسة الا ان الحديث عن اشكال الرواية ولغاتها وبنياتها وجد مكانه ايضا باعتباره وجها من وجوه التغيير وتنوع الحديث من قضايا الحياة حول الكتاب إلي مناطق الكون والوجود وحال الكتابة الان والاخطار التي تواجه الرواية كفن والروائيين من اهل السياسة ومن يسمون انفسهم اهل او علماء الدين وغير ذلك من القضايا التي يطول فيها الحديث والتي يمكن اجمالها في شكل الرواية وانواعها وموضوعاتها والحياة العربية والمحلية وازمات الانسان العربي الكبري من الحروب الطائفية والثورات والانقلاب عليها والبلاد ذات الحضارات العريقة التي تتفتت او تواجه حروبا لا تنتهي من الداخل والخارج وموقع الروائي وسط كل هذه الكوارث. حديث من الالام لكن حديث الامال كان ايضا واضحا. واجمل الامال كانت في جلساتنا الخاصة في الفندق او المقاهي. وكنا ونحن وسط هذا الجو الادبي الرفيع نري الحياة في تونس افضل كثيرا من السنوات الاولي بعد الثورة فاقتصاديا ارتفعت قيمة الدولار حقا امام الدينار لكن ليس قفزا كبيرا فلقد تضاعف سعر الدولار ليكون دينارين ونصف وعلي مراحل وليس عشرة دنانير مثلا واسعار المأكولات والمشروبات لا تزال رخيصة فيمكن لك ان تأكل نصف دجاجة كبيرة في مطعم جميل مع ماحولها من سلاطات وبوم فريت وخبز بثمانية دنانير او بيتزا ايطالية كبيرة الحجم بخمسة دنانير وهذه ارقام زهيدة جدا وطبعا يمتد الامر إلي كل شيء ففي مطعم اسماك نظيف يمكن ان تأكل اكثر من نوع من السمك بخمسة دنانير اي دولارين ولن اتحدث عن اسعار كل شيء. هناك اصلاح اقتصادي حقا لكن بالتدريج حتي لا يتضرر المواطن. لكن ايضا يلفت نظرك نظافة الشوارع وتري مظاهرة هنا واخري هناك ويمر كل شيء بسلام وتسمع وتري الحياة علي حالها من الجمال رغم ان اليوم بالصدفة هو انتخابات المجالس المحلية وفي نقاشي مع بعض الاصدقاء من تونس كيف لم تنتكس ثورتكم اجمعوا علي قوة المجتمع المدني من نقابات واحزاب وجمعيات حقوقية لا تمسها الدولة بسوء ولا تستطيع فتاريخها قوي وهذا كان من اكبر ابتعاد الاخوان المسلمون بهدوء عن السياسة. وان ظلوا يذكرون عام سيطرة الاخوان علي الحكم وكيف ظهر بعض الدعاة من مصر وغيرها لكن المجتمع المدني سخر منهم ولم يجدوا لهم منفذا. قلت لنفسي دائما ستظل الإجابة تونس.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف