مؤمن خليفة
هدير الحجر.. كامل العدد !
بدون أقنعة
من المرات القليلة.. بل النادرة التي أري فيها هذا الحشد الكبير بقاعة الدور الثالث بالمجلس الأعلي للثقافة في توقيع كتاب.. علي مدي سنوات تزيد علي 30 عاما وأنا أتردد علي معظم الأماكن الثقافية للمشاركة في مؤتمرات وندوات وجلسات عمل.. ربما تكون المرة الوحيدة أثناء توزيع جوائز المهرجانات حينما تكتظ القاعة بجمهور من الحضور وذويهم وأصدقائهم.. لم تتعود عيناي علي هذه الرؤية منذ أعوام طوال، حتي في معرض القاهرة الدولي للكتاب تفاجأ بعدد محدود معظمه من أصدقاء المؤلف ينصرفون عقب التوقيع مباشرة، ولا يحضرون ندوة الكتاب فلا يجد المؤلف وليا ولا نصيرا !.. مناسبة هذه الكلمات تلك الندوة الشيقة لتوقيع كتاب » هدير الحجر» للكاتب الصحفي إيهاب الحضري قبل أيام، بنفس القاعة التي تعودت علي الجلوس فيها مرات ومرات.. وأكره الدخول إليها مرات بسبب النقاشات العقيمة في بعض الأمور الثقافية والجدل الذي لا ينتهي، وبسببه أعتذر عن عضوية بعض اللجان حيث لا حوار ممتعا أو مشاركات مجدية أو مردودا ثقافيا.
كان العالم الكبير د. زاهي حواس يتوسط المنصة كمتحدث رئيسي عن الكتاب، وحواس تختلف أو تتفق معه لكنه شخصية تجذب الانتباه.. غزير العلم وحكاء له كاريزما لا تملك الا أن تحبه من أول وهلة.. معه علي المنصة د. خالد العناني وزير الآثار الحالي الذي أطلق أول تصريح له عن حريق المتحف المصري الكبير يوم الأحد 29 إبريل منها، وطمأن كل المصريين أن الحريق كان محدودا.. بشرة خير طبعا فكل الحوارات في تلك القاعة عن الآثار المصرية وهذا الكتاب الهام.. والشخصية الثالثة د. ممدوح الدماطي وزير الآثار السابق الرجل المثقف.. يعني 3 وزراء تولوا حقيبة الآثار المصرية في السنوات القليلة الماضية، والزميلة العزيزة الأستاذة آمال عثمان هي من تدير تلك الندوة الصعبة.. كنت أدعو لها في سري أن تنجو من هذا الاختبار القاسي فالقاعة تمتلئ بجمهور كثير من كل الأطياف، وثلاثة من كبار علماء الآثار يعنيهم ما جاء في كتاب » هدير الحجر» بأحداثه المثيرة وحكاياته التي تكشف جوانب مهمة وأسرارا يبوح بها وقد يحدث ما لا يحمد عقباه.. أعرف ذلك فأنا زبون دائم في كثير من تلك الحفلات التي غالبا ما تنتهي بخناقات ومشاكل واختلافات في الرؤي !.. اللافت للنظر ولا أبالغ.. هناك الواقفون كثر وكل المقاعد مشغولة فيما يشبه قاعات المسارح عندما تضع علي الباب الخارجي يافطة »أرش كومبليه» أي كامل العدد.. المنظمون استعاروا كراسي إضافية من القاعات المجاورة لكي يجلس الواقفون.
هل يستحق الكتاب كل هذا الحشد.. سؤال لابد منه ؟
أجاب المؤلف علي السؤال علي غلافه حينما كتب عبارته الشهيرة بعد العنوان » التفاصيل السرية لمعركة إنقاذ الآثار»، أي أن هناك تفاصيل لا نعرفها تخص تلك الثروة التي تمثل ثلث آثار العالم عاش أحداثها وكتب عنها وأعلن رأيه بوضوح فيها علي صفحات جريدة » أخبار الأدب»، من خلال القضايا التي تناولها، ومن بينها تلك التي خاضها عقب حريق المسافرخانة، ومواجهته لمحاولات تفتيت المتحف الإسلامي،ومتابعته لترميم الكنيسة المعلقة.. خاض الحضري معركة كبيرة كشف في جزء منها عن الخيوط السرية وراء إفتعال صراع وهمي مع الكاهن المسئول ومن كان وراء إثارة الأحداث.
حقيقة الأمر أن هذا الكتاب له لون ورائحة وطعم خاص بعد كتاب آخر للمؤلف بعنوان » اغتصاب الذاكرة» ويتعلق أيضا بالآثار.