مصر البشر
مع اقتراب أيام الشهر الكريم بما فيها من عبق الماضي والتراث الخاص برمضان في مصر علي وجه الخصوص، ومظاهره التي لا يوجد مثلها في أي بلد آخر سواء عربياً أو إسلامياً.. أجلس.. وأفتش في الأوراق القديمة والذكريات، كعادة كل من هدهم العمر وأصبحت كل أنشطتهم بأثر رجعي، كما أقول دائما، يلفت نظري موضوع صحفي كنت أنا فيه المسئولة وليس السائلة. فقد قام أحد الصحفيين بمناقشة علاقتي بالتراث، وكان هذا الحوار الذي أشاركك فيه عزيزي القارئ:
> ماما نعم.. أجد أن منزلك يضم الكثير من الأعمال الفنية، مما يدفعني إلي السؤال، إلي أين تتجه بوصلتك الفنية؟
ـ هذا كله تراث..
> ما رأيك في وجود التراث كجزء من حياتنا اليومية؟
ـ في رأيي أن التراث هو الأرض الصلبة التي نقف عليها ومنها ننطلق إلي المستقبل. ففي أوروبا اليوم يبحثون عن التراث العربي بكل ما يحويه من قيمة، فبيوت الأزياء الأوروبية بدأت، منذ فترة، تستوحي خطوط الموضة من التراث العربي. أما بالنسبة لي، فالتراث هوية في المقام الأول مثل بطاقتي الشخصية. فعندما أرتدي أزيائي من محافظات مصر المختلفة كالواحات أو سيناء أو الصعيد أشعر براحة نفسية وجسمانية كبيرة.
> هل التراث في الملابس والأثاث والقطع الفنية فقط؟
ـ لا طبعا.. في الطعام أيضا، فلدينا في مصر خمسة وخمسون نوعا من الخبز، وبالمناسبة، نحن البلد العربي الوحيد الذي يطلق علي الخبز لفظة »عيش» أي أنه بالنسبة لنا »العيشة» أو الحياة. والعيش الشمسي في الصعيد مثلا يظل صالحا للأكل لمدة عام. نحن لدينا تراث كبير في طعامنا وملابسنا وصيغة حياتنا، ولقد وجدت »الرحايا» المصرية القديمة، والتي تقوم »بجرش» القمح، معروضة في »هارودز» أعرق متاجر العاصمة البريطانية لندن، ولو عدنا للتراث سنجده مصدر كل ما في حياتنا اليومية الحديثة.
> هذا يعني أنك تراثية مائة بالمائة؟
ـ لا.. أنا تراثية ألف بالمائة!
انتهت الذكريات، ولكن حبي للتراث لم ينته حتي اليوم،فمازلت ارتدي الملابس التراثية التي تناسب راحة الجسم وحركته الطبيعية، مهما »هرمنا» ووهنت حركتنا.
وبمناسبة التمسك بالتراث، ومع اقتراب شهر رمضان بكل تقاليده المصرية التراثية الجميلة، فإن لي عتابا علي كل القنوات التليفزيونية التي تعلن عن مسلسلات رمضان ٢٠١٨! يا سادة اسمه رمضان ١٤٣٩ أم أننا نسينا؟ كل عام ومصر وتراثها الجميل بخير.