صبرى غنيم
رؤية - هل نحن شعب يحب «الأنتكة» ؟
- من أيام عاودني الحنين للسفر الي الخارج بعد أن توقفت عنه فترة بسبب المغالاة في ارتفاع ثمن تذاكر الطيران واكتشفت أننا لسنا وحدنا الذي يشكو فالزيادة التي حدثت عالمية وليس لمصر دخل فيها.
اللهم لو قبلت مصر بالخسارة أمام الشركات الأجنبية وتبيع تذكرة مثل تذكرة لندن بنصف القيمة التي تباع علي الخطوط الأجنبية وهذا لن يحدث لأنه يتعارض مع قانون الاياتا التي تسحب التراخيص من مصر للطيران وتعتبر أي تخفيض فيه منافسة غير شريفة للخطوط الأخري.. الشيء الذي أعجبني أن تبيع مصر للطيران تذاكرها بالتقسيط وبالتالي فهي لا تضرب السوق أما عن توقيتات تحصيل ثمن تذاكرها فهي تحدد مدة التحصيل.. وهذه من تيسيرات وزير الطيران الشاب شريف فتحي الذي يبذل قصاري جهده لإسعاد المصريين، لذلك الرجل لا يعترض علي أي اقتراح يعرضه عليه الكابتن شريف عزت رئيس مصر للطيران الذي يعتبر مكسبا كبيرا لقطاع الطيران منذ توليه موقعه كرئيس للشركة.. وهذا هو الذي شجعني علي السفر من جديد.
- عندما أقول نحن شعب يحب "الأنتكة".. فقد ذكرتني مسز "هانكوك" الانجليزية العاشقة لمصر عندما زرتهم هذه المرة في لندن، وهي الأم الحنون التي كانت ترعي ابني في طفولته عندما كان تلميذا وعمره ١٢ سنة يتعلم تحت إشرافها في لندن، والآن هي سعيدة أن تري "حسام" أستاذا بكلية الطب ومنذ أيام حصل علي دبلومة متخصصة في ادارة المستشفيات والرعاية الصحية من الجامعة الامريكية، فهي سعيدة بالعقلية المصرية وبالذات المصريين المتفوقين في الخارج وفِي مقدمتهم السير مجدي يعقوب الذي له مدينة باسمه في إنجلترا..
- سألتني هل نظم التعليم عندنا لا تزال كما هي قلت لها هناك اتجاه للتغيير والاهتمام بالتعليم الفني.. وهنا استرجعنا حوارات قديمة عن "انتكة" المصريين وذكرتني بولديها وتجربتهما، بعد حصول "ديفيد وألين" علي الثانوية الانجليزية كان عليهما أن يتجها للحياة العملية لأن الحكومة الانجليزية غير مسئولة عن تعليمهما في الجامعة، الأهالي يتحملون مصاريف أولادهم، ولرغبة الولدين في استكمال تعليمهما اتجه الاثنان الي العمل والالتحاق بالجامعة.. ذكرتني بالولدين عندما تعاقدا علي غسيل جميع السيارات لسكان المنطقة كان عملهما يبدأ منذ الثانية صباحا حتي الخامسة وكان الاثنان سعيدين بغسيل سيارات الجيران قبل ذهابهما الي الجامعة
.. وهنا تسألني مسز "هانكوك" هل عندكم في مصر يقبل شباب الجامعات مثل هذا العمل، وتقول: للأسف بعد اختلاطي بالمصريين وجدت عندهم كلمة "عيب".. عيب أن يشتغل الولد ميكانيكي أو في السباكة أو أي عمل فني كل الشباب عندكم عاوزين مكاتب ادارية والبنت المصرية أيضا عيب أن تعمل "مديرة منزل" وهي طالبة بل بنات أوروبا اللاتي يأتين من بلادهن للتعليم يعملن في البيوت والفنادق جانب الجامعة..
- سرحت بخيالي وأنا معها ورأيتها علي حق خاصة بعد أن أصبح "ديفيد" الذي كان يغسل عربات السكان اكبر أخصائي في العلاج الطبيعي للاعبي كرة القدم والاندية تشتريه كما تشتري لاعب الكرة.. معها كل الحق لأننا شعب يحب "الأنتكة" والجلوس علي المقاهي والبنت المصرية تتأفف من العمل الحرفي أو مديرة بيت مع أن راتبها لا يقل عن أربعة أو خمسة آلاف جنيه في الشهر.. لازم نتخلص من كلمة "عيب" وأن تتغير سلوكياتنا ونشتغل جميع المهن الحرفية طالما أنها داخل بلدنا، العيب أن نجلس بلا عمل ونبحث عن وظائف تفصيل..
- شفتم في الخارج الناس بتعطي للعمل قيمته واحنا في مصر نتأفف من المهن الحرفية مع أنها هي المهن التي تفتح البيوت.