فتحى سالم
نبض الشارع - برحيل خالد الذكر تداعت الذكريات
أنا لم يسعدني الحظ بلقاء خالد الذكر المحترم خالد محيي الدين.. لكني عايشت فترة رئاسته لمؤسسة أخبار اليوم عامي ١٩٦٤ و ١٩٦٥، وهما نفس فترة بداية عملي في المؤسسة بعد استقالتي من مجلة الإذاعة الحكومية التي كان يرأس تحريرها وقتها المرحوم رجاء العزبي، بأمر واختيار كريم من خالد الذكر علي أمين الذي رشحني له فارس الصحافة موسي صبري ونجحت في الاختبارين النظري والعملي.
فبعد شهرين فقط من بداية عملي تحت إشراف العمالقة علي ومصطفي أمين وموسي صبري وأنيس منصور وأحمد رجب وحُسن شاه، بدأنا في الإعداد والإصدار لمجلة »هي» النسائية الجديدة في يوليو وأغسطس ١٩٦٤ وهنا حدث زلزال رهيب في الصحافة.. حيث سافر علي أمين إلي أوربا في جولة صحفية طويلة وعقبها مباشرة قبض صلاح نصر ـ يد عبد الناصر الباطشة في سحق من يشاء ـ علي مصطفي أمين بدعوي مفتعلة هي »التخابر مع الأمريكان» ليقضي ٩ سنوات في السجن (!!!!!) ثم يخرج بقرار إنساني من السادات رحمه الله عقب نصر أكتوبر، ويعود علي أمين من الخارج بقرار آخر ويباشران عملهما من جديد في المؤسسة التي أنشآها.
المهم أن عبدالناصر الذي كان يختار ويحرك القيادات في كل أجهزة الدولة بمزاج شخصي بحت، وإصرار علي تلميع وتميكن أهل الثقة ومطاردة وعزل ومحاربة أهل الخبرة كما فعل مثلا في الجيش بتسليمه القيادة لصديقه الحميم »العمدة» عبدالحكيم عامر، وفي كل المؤسسات الاقتصادية والإعلامية للمحظوظين من الضباط ـ جاء بخالد محيي الدين، الذي كان قد سمح بعودته من المنفي في سويسرا بسبب اعتراضه علي ما جري من عصف وتنكيل بالرئيس محمد نجيب، جاء بخالد رئيسا لمؤسسة أخبار اليوم، رغم أن الصحافة مهنة حساسة سريعة التلف لكسب ود القيادة السوفيتية وخروشوف تحديدا وموافقتهم علي تمويل وتنفيذ مشروع السد العالي نكاية في الأمريكان. ولأن خالد لا علاقة له بالصحافة سوي إصداره قبل ذلك بشهور لجريدة المساء بأمر من عبدالناصر وتسليمه أمور الجريدة لفصيل من اليساريين، فعل نفس الشيء في دار أخبار اليوم حيث جاء بهم وبغيرهم ليعيثوا في صحف المؤسسة فسادا »بنوايا اشتراكية» ومطاردة وفتكا بالخبرات حتي أنهم نقلوا مايسترو الصحافة موسي صبري محررا في الجمهورية!! فانهار توزيع صحف أخبار اليوم وأصبحت تصرف علي المكشوف حتي عرف عبدالناصر أنها سوف تعلن إفلاسها قريبا فبادر بإخراج خالد محيي الدين ورجاله لكنه جاء بفصيل يساري جديد بقيادة محمود العالم وساروا علي نفس الخط!!! حتي كانت نكسة أو وكسة يونيو وعودة العقل والاتزان للقيادة السياسية مما أنقذ المؤسسة من الإغلاق.!!
رحم الله خالد محيي الدين الذي ظلمه عبدالناصر مرتين!!!