المصريون
رضا محمد طه
الصيام يحسن الصحة ويطيل العمر
"صوموا تصحوا" تلك عبارة وردت في حديث للرسول صلي الله عليه وسلم رواه أبي هريرة، من مأثور القول "المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء"، ومنذ عقود عديدة أوضح العلماء أن التقليل من السعرات خلال ما يتناوله الناس من طعام يعمل علي تحسين الصحة وكذلك يطيل في أعمارهم.وفي بحث جديد ترجمة عنوانه "الصيام ينشط وظائف خلايا الأمعاء الجذعية وعملية الإصلاح الذاتي ويؤخر الشيخوخة" أجراه باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT ونشرت نتائجه الثالث من الشهر الحالي "مايو 2018" بمجلة Cell Stem Cell، تناول هذا البحث علاقة الصيام في العمل علي زيادة قدرة خلايا الأمعاء الجذعية علي النمو والتجدد في مراحل النمو العمرية المختلفة وبالأخص في مرحلة الشيخوخة، حيث تقل مقدرة خلايا الامعاء علي الإنقسام والنمو والتجديد، نظراً لما يعتريها من تلف وإصابات أثناء قيامها بوظيفتها، بما يمثل صعوبة الشفاء خاصة عند حدوث إصابات أو جروح أو عدوي ميكروبية، تلك الحالات تتطلب أن تكون الخلايا قادرة علي النمو وتجديد نفسها حتي تعوض الخلايا التالفة والتي تزيد مع التقدم في السن.


أجري الباحثون التجربة علي مجموعتين من الفئران، حيث قاموا بتجويع-صيام- المجموعة الأولي من الفئران مدة 24 ساعة، وأطعمت المجموعة الثانية بصورة طبيعية، ومن خلال الملاحظة والفحوصات، إكتشف فريق البحث أن الفئران التي تعرضت للجوع "الصيام" مدة 24 ساعة قد زادت فيها وبصورة سريعة ومذهلة نشاط وحيوية في خلايا الأمعاء الجذعية ونتج عن ذلك زيادة في النمو والإنقسام والتجديد. التفسير العلمي لما حدث من تأثير إيجابي للصيام علي الفئران والذي كشف عنه الباحثون يتمثل في أن الخلايا في حالة الصيام تبدأ في تكسير وأكسدة الأحماض الدهنية لتكون بديلاً عن الجلوكوز (حرق دهون) وذلك من أجل الحصول علي الطاقة، هذا التغيير قد حفز الخلايا الجذعية وجعلها أكثر نشاطاً وقدرة علي الإنقسام والتجدد، ومن ثم حدث إصلاح وتعويض فيما كان قد تحطم وتلف منها، هذا إضافة إلي أن الصيام قد أسرع ونشط في معدل عمليات الأيض في الخلايا، بما يعني أنه يساعد ويعين كبار السن علي الشفاء من أي إصابات أو تلف في الامعاء–وهي محتملة الحدوث في هذا السن، وكذلك يساعد الصيام مرضي السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيماوي بنفس الطريقة السابقة.


المعروف ومن خلال دراسات سابقة أن الخلايا الجذعية في الأمعاء هي المسئولة عن الحفاظ علي سلامة الأمعاء من خلال نموها وتجديد نفسها كما تقول الأبحاث كل خمسة أيام، وعندما تصاب الأمعاء بالميكروبات أو يحدث فيها جروح، فإن خلايا الأمعاء الجذعية هي المفتاح لحل تلك المشاكل وإصلاح ما أفسدته الأيام والنظام الغذائي. ومع التقدم في العمر-الشيخوخة-تقل قدرة الخلايا الجذعية علي القيام بعملية الإصلاح تلك، الأمر الذي يستغرق وقتاً طويلاً مع كبار السن حتي تتحسن قدرة الخلايا اللازمة لعملية الإصلاح.


لكن وكما تشير نتائج تلك الدراسة، فإن الصيام قد ضاعف من مقدرة خلايا الامعاء الجذعية علي النمو والتجدد وزيادة في معدل الإصلاح الذاتي. ومن الدراسات الجزيئية والتي تمثلت في قياس وتحديد التتابع الجيني أو النيوكليوتيدي للحمض النووي "آر إن إيه RNA " في خلايا الأمعاء الجذعية في مجموعة الفئران التي خضعت للصيام فترة 24 ساعة، أوضحت النتائج أن الصيام قد حث ودفع الخلايا علي تغيير مسار الأيض بها، فتم إستهلاك أو تكسير السكريات لأيض الأحماض الدهنية، مما حفز ونشط عوامل النسخ والتي تسمي peroxisome proliferate-activated receptors (PPARs) تلك العوامل هي بروتينات عبارة عن مستقبلات نووية تلعب دوراً رئيسياً وتنظيمياً في التعبير الجيني وكذلك في عمليات الإصلاح الذاتي للخلايا homeostasis وكذلك تحسين في معدل ومستوي أيض الخلايا، تلك التغييرات تعتبر هامة لتطور ونمو وتجدد الخلايا، وأيضاً تشغل عوامل النسخ تلك عمل العديد من الجينات الضرورية لصحة وسلامة الخلايا.


أضاف الباحثون أنه ولمساعدة الأشخاص كبار السن الذين يصعب عليهم العلاج بالصيام في إستعادة حيوية وقدرة خلايا الأمعاء الجذعية لديهم ومن ثم العمل الطبيعي للأمعاء، فينصحونهم بتناول العقاقير العلاجية التي تعمل بنفس الآلية التي يعمل بها الصيام، تلك العقاقير تعتبر بديلاً كي يتغلبوا علي شيخوخة الخلايا عندهم، وأيضاً لمرضي السرطان والذين يخضعون للعلاج الكيماوي، حيث أن هذا النوع من العلاج غالباً ما يؤذي ويحطم خلايا الأمعاء. قال تعالي في سورة البقرة "وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعملون" صدق الله العظيم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف