المساء
على فاروق
كيف ننجح .. في امتحان رمضان ؟!
كل عام وأنتم بخير. أيام قليلة ويهل علينا شهر رمضان المبارك.. وللأسف الشديد نستعد له كل عام بكميات هائلة من السلع الغذائية والياميش والمسلسلات التي تكلفت مئات الملايين من الجنيهات.. وكأن رمضان شهر الأكل واللهو وليس شهر الصيام عندما تتجه إلي أي سوق من الأسواق أو أي سوبر ماركت تجد اعداداً هائلة من البشر وتشعر وقتها أن هذه المحال التجارية تقدم منتجاتها مجاناً من كثرة اعداد الزوار.. وتخرج الناس من هذه المحلات بكميات كبيرة من السلع بحجة الاستعداد لرمضان وكأن رمضان موسم للأكل والتباهي.
يحدث هذا في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية ويشكو الكثيرون من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.. بينما نري الناس تبالغ في شراء ما لذ وطاب من الأطعمة والمشروبات والحلوي والمكسرات التي وصلت أسعارها إلي أرقام فلكية.
وللأسف الشديد فإننا نأكل القليل ونلقي بكميات كبيرة في صناديق القمامة في الوقت الذي تعاني فيه العديد من الأسر الفقيرة من الجوع وضيق ذات اليد ولا تجد من يعطف عليها ويسد رمقها.
لقد شرع الله شهر رمضان ليكون شهر التقوي والصوم والاحسان والرحمة وليس شهر الأكل والشرب واللهو وعلينا أن نفهم جيداً المراد من صيام هذا الشهر المبارك وهو عبادة الله والتدريب علي الصبر والتضحية والمشقة وأن نشعر بالجوع حتي نعرف ما يعانيه الفقراء والمحتاجون.
شهر رمضان فرصة لتوفير المليارات من الجنيهات التي نلقي بها في صناديق القمامة وقيمة الأطعمة والمأكولات التي نتخلص منها نتيجة الولائم والعزومات التي تقام في الفنادق الكبري والمنتجعات والبيوت الفاخرة.
ترشيد الاستهلاك لا يعني التقشف بل هو الاستهلاك الأمثل لكل أفراد الأسرة وهو ليس في الطعام فقط بل في الكهرباء والماء أيضاً ويجب أن يكون ترشيد الاستهلاك سلوكاً رمضانياً وسلوكاً عادياً أيضاً ولايقتصر الأمر علي ما يحدث من اسراف وتبذير في الطعام والشراب فقط.. بل يمتد إلي ما يحدث بعد الافطار من تقديم كم هائل من المسلسلات والدراما الرمضانية بما تقدمه من مشاهد عري وتحرش وألفاظ نابية.. وقد أحسن المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام برئاسة الكاتب الصحفي الكبير مكرم محمد أحمد صنعاً باصدار قرار حاسم بتوقيع غرامة مالية كبيرة تبلغ ربع مليون جنيه علي كل لفظ خادش للحياء يذكر في احد هذه المسلسلات.
وما اتمناه أن يصدر قرار بوقف أي مسلسل فوراً يخرج عن التقاليد والأعراف في هذا الشهر المبارك ويقدم مشاهد مسيئة وخارجة سيقول البعض أن مثل هذه القرارات ستكون ضد حرية التعبير والابداع!! وأقول لهم أي ابداع في تقديم مشاهد العري والاسفاف والابتذال.
والغريب انه رغم تحذيرات المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام فقد كشف البعض أن دراما رمضان هذا العام ستكون أسوأ منها في السنوات الماضية بل أن هناك 8 راقصات سيشاركن في تقديم هذه المسلسلات علي رأسهن صافيناز ولوسي وهيفاء وهبي وغيرهن.
وهي أخبار ـ إذا تبين صحتها ـ ستكون سبة وعاراً في جبين الدراما المصرية خاصة أن هذه الدراما يتم عرضها في العديد من الدول العربية.
والسؤال الذي يفرض نفسه: أين الرقابة علي المصنفات الفنية؟ وما طبيعة الدور الذي تقوم به ـ إذا كانت مازالت موجودة بالفعل؟! وكيف توافق علي السماح بكل هذه المشاهد التي تشجع علي الفسق والفجور وتعاطي المخدرات وارتكاب الجرائم.
المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام لن يستطيع وحده التصدي لمثل هذه الدراما الهابطة التي تسيء إلينا جميعاً.. بل لابد من تحرك كبار الفنانين المحترمين الذين نفخر بهم ليتشاركوا في مواجهة هذه التجاوزات لقد أصبحت مصر رائدة في الدول العربية بهذه القوة الناعمة التي غزت بها قلوب وعقول كل العرب وأحبوا من خلالها اللهجة المصرية عندما قدموا أعمالاً فنية مبهرة وعلي مستوي عال من الاخراج والتمثيل وذلك في النصف الثاني من القرن الماضي وأصبح الفنانون المصريون نجوماً في كل الدول العربية.. وعلينا أن نعود مرة أخري إلي استغلال القوة الناعمة من خلال تقديم دراما راقية وهادفة كما فعل نجومنا الكبار في ستينيات القرن الماضي.
رمضان القادم امتحان لنا جميعاً.. لن ننجو فيه إلا باتباع سيرة المصطفي صلي الله عليه وسلم في عبادة الله وترشيد الاستهلاك والبعد عن كل ما يغضب الله سبحانه وتعالي.
حفظ الله مصر وشعبها وقيادتها من كل سوء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف