الوطن
ريهام فؤاد الحداد
اعتزال
فكرة الاعتزال ووقته وقراره والقدرة عليه والثبات عند الفكرة ومقاومة الرجوع، اعتزال أى شىء وبأى مجال (تمثيل، غناء، كرة، عمل، علاقة) أو أى شىء آخر.

هناك طرفان بأى مشروع اعتزال، طرف معتزِل وآخر معتزَل منه، فى حالة المشاهير والشخصيات العامة فى الاعتزال فالطرف الثانى يكون عدداً من الجمهور والمتابعين بخلاف العمل المعتزَل منه.

يلجأ للاعتزال إما غاضب أو (متعب لم يعد لديه المزيد ليقدمه). الغاضب إذا ما استرضاه المعتزل منه رضى وعاد عن غضبه وربما عن اعتزاله أيضاً، أما المُتْعب والمجهد ومن استنفد طاقته ومجهوده واحتماله فيكون اعتزاله أكثر إصراراً وثباتاً لأنه يكون مرغماً عليه.

من أبرز المعتزلين الرياضيين، ربما لأن للرياضة عمراً افتراضياً ولياقة وظروفاً وشروطاً صعبة لا تتاح بجميع الأعمار وغالباً ما تنتهى (مبكراً نوعاً ما)، ولو أمعنا النظر فى تلك اللحظات العصيبة لوجدنا الأمر صعباً جداً على الرياضى المعتزل، فتلك الساحات والملاعب وهذا الجمهور النابض بالتصفيق والهتاف وتلك الأعلام والشارات والكئوس والميداليات والتفاصيل الكثيرة، صعب عليه افتقادها فجأة والتخلى عنها ببساطة، حتى مواعيد الاستيقاظ والنوم، وأنواع الحميات الغذائية، وغيرها من أمور اعتادها اللاعب لسنوات طوال وربما تبرم وتأفف منها كثيراً، إلا أنه بعد الاعتزال يفتقدها ويتندر على أيامها وجمالها. تختلط عبراتهم بدموع متابعيهم ومشجعيهم مستدعين ذكريات جمعتهم سواء.

وهناك الفنانون الذين يعتزلون لأسباب تخص حياتهم الشخصية غالباً، أو لظروف تحدث لهم، فى هذه الحالة لا مباريات اعتزال ولا يوم وتاريخ محدد للاعتزال، بل هو قرار يؤخذ فينفذ، بعضهم يضعف أمام حبه لجمهوره وحبه للأضواء واعتياده عليها فيعود عن قراره نادماً مستغفراً لأحضان جمهوره، وبعضهم يثبت عند القرار الجبار محاولاً التأقلم مع الحياة الجديدة.

وهناك معتزلو العلاقات والتعاملات والبشر، كما بالأغنية الشهيرة لماجدة الرومى التى اعتزلت بها الغرام لفرط ما لاقته من بؤس بذاك الغرام، وما أكثر المعتزلين بهذا العالم لأشخاص شاركوهم الحياة يوماً تحت مسميات مختلفة.

وهناك اعتزال الأفكار والمعتقدات، ومن يهجر فكرة أو قناعة ويعتزل كل ما يتعلق بها. وهناك من يفضّل العزلة والعيش وحيداً وبعيداً، معتزلاً العالم والبشر مكتفياً بقناعات عقائدية إيمانية تغنيه عن العالم وصراعه وضياعه.

وهكذا هى دنيا البشر، (مباراة اعتزال كبيرة) أحياناً نكون نحن من يعتزل وأحياناً نفتقد المعتزلين وأحياناً نتمنى اعتزال البعض!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف