التحرير
عمرو حسنى
طلقة وحيدة غير طائشة
تباينت الآراء وتنوعت الانطباعات حول الملتقى الذى أقامته إسرائيل فى فندق كارلتون ريتز بميدان التحرير، الذى احتضن ثورة 25 يناير، فى ذكرى الاحتفال باحتلالها للأرض الفلسطينية العربية التى قامت عليها دولتها العنصرية التوسعية.

هناك من يقول إن الدولة التى تمتلك سفارة فى بلد ما، وتحتفظ بعلاقات دبلوماسية معها بمقتضى معاهدة سلام تم توقيعها بينهما، يحق لها الاحتفال بمناسباتها الوطنية دون لوم من أحد، ولكن هناك رأى آخر يقول إن قيامها بالاحتفال بتلك المناسبة خارج سفارتها بصورة موسعة لأول مرة، يعد استفزازًا مقصودًا يراد منه تبليغ رسالة ما لشعب ترفض الغالبية العظمى من أفراده ومؤسساته الخاصة والعامة التورط فى تطبيع العلاقات مع تلك الدولة.

حسناً، ولكن.. هل يمكن لسلسلة فنادق عالمية أن ترفض طلبًا من دولة ما تريد تأجير إحدى قاعاتها، وتقديم الطعام والشراب بها فى احتفال ما تنتوى القيام به؟ بالطبع لا. فتلك الفنادق الأجنبية مؤسسات خاصة تهدف للربح، ولا تتخذ مواقف سياسية معادية لدولة ما، أو لمجموعات بعينها إلا إذا وضعت فى اعتبارها العواقب الاقتصادية السلبية الناجمة من رد فعل، رسمى أو شعبى لا يمكن لها احتماله، يقوم به البلد الذى يستضيف فنادقها على أرضه.

وبناء على هذا تصاعد رأى آخر ينادى أصحابه بمقاطعة فندق كارلتون ريتز، قابله رأى مضاد يتهكم من دعوة شعب يطحنه الغلاء لمقاطعة فندق لا يحلم أفراد طبقته الوسطى بعبور عتباته إلا تلبية لدعوة كريمة فى مناسبة خاصة، فما بالك بالغالبية الكاسحة من أفراده الكادحين؟ لكن ذلك الرأى الساخر يتجاهل بالطبع أن دعوة كتلك يمكن لها أن تكون مؤثرة وموجعة إذا تم تداولها على نطاق عربى واسع، يعتمد على مقاطعة أفراد وكيانات عربية وغربية ثرية تربطها مصالح ببلادنا العربية، وترفض التورط فى تقديم تنازلات مجانية لمحاباة دولة عنصرية توسعية.
أخيرًا وليس آخرًا، كنت وما زلت أرى أن الطلقة الوحيدة غير الطائشة التى يمكن إطلاقها هى العقاب الشعبى الذى يمكن الدعوة إليه، والحشد من أجل تحقيقه ليشمل كل الشخصيات العامة التى قبلت الدعوة للمشاركة فى ذلك الاحتفال الكريه الذى تم فيه تبادل الأنخاب على أشلاء ودماء شعب لم يحصل منذ قيام ذلك الكيان الغاصب المتبجح، المحتفل على أرضنا، على عرض جاد بتسوية ولو شبه عادلة، رغم كل التضحيات التى بذلها وما زال يبذلها الإنسان الفلسطينى الواقع تحت الاحتلال، بعيدًا عن تهاون بعض قياداته ومزايدات بعضها الآخر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف