الأخبار
صبرى غنيم
لا يا والدي إنها حموضة.. وليست ذبحة صدرية

رؤية
- من أيام انتابتني حالة من الخوف، شعرت فيها بقرب نهايتي، وبدأت ألوم نفسي كيف يحذرني الأطباء من هذا اليوم بعد أن أكدوا لي أن نسبة الدهون التي أختزنها في جسمي كفيلة في أن تعجل بنهايتي.. وللأسف تجاوبت مع تحذيراتهم أياما، ولا أعرف سببا لحالة الكسل التي حلت بي فأهملت في إنقاص وزني، مع أنني في نصيحة الغير أستاذ، فكنت كلما قابلت صديقا وزنه زائد نصحته أن يخفف وزنه حتي لا يتعرض لذبحة صدرية..
- الذي آلمني أن يأتيني الإحساس بالذبحة الصدرية وأنا في الغربة، بعيدا عن أسرتي، وأصدقائي وزملائي، فتخيلت في لحظة لو وافتني المنية وأنا هنا في ألمانيا ورحلت عن الدنيا، كيف سيكون وقع الخبر عليهم، وبالذات علي صغيرتي »وسام»‬ التي تعتبر متابعة حالتي الصحية جزءا من برنامجها اليومي، فهي تسألني كل يوم عن عدد أكواب الماء التي أتناولها، وهل تناولت الأدوية في مواعيدها.. لذلك وقع الخبر عليها سيكون صدمة بسبب ارتباطها القوي بي..
- بصراحة كنت مهموما بالتفكير في الأعباء التي سأتركها لأسرتي، من سيواجه الديون التي في رقبتي للبنوك، مع أنني أهملت في تسجيل بعض الأصول المحدودة التي في حوزتي، وأعرف أن بيعها سيحل لهم مشاكل كثيرة لسداد ما في عنقي من مستحقات للغير..
- بصراحة عيوني لم تغفل الأيام الماضية خاصة بعد أن فاجأتني آلام حادة في صدري وصعوبة في التنفس، فاصطحبتني الأخت »‬ابتسام فلندر» وهي صديقة للأسرة وتمتلك مكتبا للسياحة العلاجية في »‬ميونيخ» إلي مستشفي القلب وأجريت الفحوصات وإذا بالطبيبة تقول لي »‬دعني أخاطبك كوالد» مطلوب أن تبقي معنا في المستشفي لعمل قسطرة في القلب فورا فهمت منها أن حالتي خطيرة.. ثم طلبت بطاقة الفيزا لتأمين مبلغ ١٨ ألف يورو للمستشفي.. يعني ما يقرب من ٤٠٠ ألف جنيه مصري، والبطاقة لا تغطي هذا المبلغ، مع أن هذه العملية في مصر لا تزيد علي عشرة في المائة من هذا المبلغ وخاصة بعد أن أصبحت قسطرة القلب عملية عادية أي طبيب شاب من أطباء القلب يجريها.. الغريب أنني طلبت من الطبيبة أن تمهلني حتي أرتب حالي وأعود لها في أغسطس ولم تمانع.. من هنا تأكدت أن حالتي ليست خطيرة طالما أنها وافقت، تركتها بعد أن وعدتني بأنها سترسل التقرير ثم أعطتني صورة من تحاليل الدم، فقمت بإرسال صورة منها إلي ابني د. حسام غنيم »‬بارك الله فيه» وكنت قد أطلعته أنه أثناء إقامتي في روما قبل مجيئي ميونيخ طلب مني أحد أطباء الحساسية تناول أقراص الكورتيزون لإيقاف الحكة.. الغريب أن ابنتي »‬وسام» كانت تنصحني بعدم تناول أي أدوية قبل الرجوع للأستاذ الدكتور عمرو حسان أستاذ القلب علي اعتبار أنه علي علم بحالتي.. المفاجأة أن ابني اطلع علي تحليل إنزيمات القلب من واقع صورة التحاليل فأرسل لي يقول »‬أنزيمات القلب طبيعية تماما لا تقلق ما تعانيه هو حموضة مريء بسبب الكورتيزون».. رسالة ابني أعطتني القوة علي استكمال رحلتي وانتزاع المخاوف التي كانت تهدد حياتي، مع أنني كنت قد هيأت نفسي فعلا إلي لقاء الله، لكن واضح أن ساعتي لم تتحدد فقد شاءت إرادته أن يعطيني عمرا لأرتب شئون أولادي.. وأن أكتب مذكراتي لتبقي ميراثا لأحفادي، وكونك ترتب أمورك بنفسك فهذا أفضل من أن يرتبها لك غيرك في غيابك..
- اللهم لا اعتراض علي الرحيل فلكل منا ميعاد، ومن كرم الله ودعوات الضعفاء أن يكون لي نصيب في مشاركة أسرتي الصغيرة فرحتهم بشهر رمضان، وخاصة أن »‬سمية» زوجتي أطال الله في عمرها تحيي بعض الطقوس التي نقلتها عن أبويها وهي تستقبل هذا الشهر، فقد اعتادت أن تقيم لنا في بيتنا خيمة رمضانية نستمتع بها مع أذان المغرب حتي صلاة التراويح، والخيمة مزودة بماء الورد والعطور والبخور ومجموعة من المصاحف والأدعية.. أنا عن نفسي أشكر الله أن أخرجني من هذا الكابوس الذي كان يهدد وحدتي في الغربة.. صحيح أن رحلة العلاج لم تكتمل، لأنني أؤمن بأن نهاية الإنسان علي سريره هو تكريم من الله، لكن متي فالله أعلم.. المهم أن يكون كل منا علي استعداد للقاء الله ومن أحب لقاء الله.. أحب الله لقاءه.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف