الأهرام
أشرف العشرى
صيف ساخن ونذر حرب قادمة
أعرفه منذ أيام وسنوات غزو صدام حسين للكويت صاحب باع سياسى، ودبلوماسى محترف تولى مناصب عدة كان ومازال دبلوماسيا ملء السمع والبصر فى مصر والعالم العربى كان ومازال يملأ الدنيا صخبا وحضورا كلما حل فى مكان. آراؤه دوما سديدة وناجعة يعرف مجرى المشهد العربى والشرق أوسطى بأدق تفاصيله وتطوراته الصاخبة المتلاحقة ولم لا وهو الذى شارك فى صناعة القرار لسنوات طوال داخل الغرف المغلقة وائتمن على أسرار الدولة والمنطقة العربية لسنوات طويلة والتقى كل زعماء المنطقة والعالم لسنوات وكان صاحب تعبيرات وتصريحات ومواقف كثيرة.

التقينا اليومين الماضيين وجدته منزعجا أخبرنى أن هذا الصيف سيكون من أخطر فصول السنوات العشر التى مرت على المنطقة، الأحداث والتطورات والتفاعلات القادمة فى المنطقة ستكون من قماشة الأيام الصعبة والمكلفة على دول المنطقة جميعا، الجميع سيكون خاسرا ومن الصعب أن يفلت أحد من معادلة القادم المجهول باستثناء القليل جداً الذى استطاع تحصين جبهته الداخلية ووفر الحماية لحدوده وعمقه الاستراتيجى بقوة النيران القاتلة المهلكة لكل من فكر الاقتراب أو إطلالة النظر وهذا الوضع ينطبق علينا نحن فى مصر فقط حاليا حيث بتنا الوحيدين المحصنين ضد اشتباكات وحروب وانفلات هذا الصيف الساخن بفضل ما فعلته القيادة هنا فى مصر لإعادة هيكلة وتحديث جيشك ورفع درجة الجاهزية خلال أربع سنوات تجاوزت وتفوقت على كل ما حدث لجيشك وقواتك المسلحة منذ نهاية حرب أكتوبر وصمت المدافع وهدوء الجبهات حتى عام 2012 حيث كان المطلوب عالميا ودوليا وبرضاء القيادة الداخلية القبول بهذا الوضع والاكتفاء بهذا القدر.

عدت وسألته بخبرتك أتوقع من حديثك هذا هبوب رياح توتر وأعاصير صيف ساخن ونذر حرب قادمة فى الطريق واشتباكات دامية فى الإقليم ؟ بادرنى بالإيجاب وهز الرأس بأسى هذا بالضبط ما كنت أقصده لاحقنى بالقول التهور الإيرانى ـ الإسرائيلى سيدفع المنطقة إلى حرب، تلك اللحظة لكل منهما هى المناسبة للقضاء على الآخر وتكسير أقدامه.

إيران الآن مجروحة ومطحونة فى كبريائها السياسية والعسكرية بعد قرار ساكن البيت الأبيض ترامب بإلغاء الاتفاق النووى وتهديدها يوميا بدفع ثمن وتسديد فواتير ثمن ازدياد نفوذها فى المنطقة، وهى مسألة حياة أو موت للرجل الأول ورأس الحربة وملهم الخطر الإيرانى فى الإقليم على خامنئى الذى لن يرضى بديلا عن إشعال النيران الجوالة والمنفلتة فى المنطقة حيث عنوان العدو الأول لطهران معروف ومعلوم هكذا هم يقولون وهو إسرائيل، وبالتالى الاشتباك أو التحرش باسرائيل هو تحرش وتغيير لقواعد الاشتباك مع الأمريكان أنفسهم فى المنطقة.

فى المقابل إسرائيل وحكومة المتطرف بها نيتانياهو وائتلافه من غلاة المتطرفين من أمثال أفيجدور ليبرمان وزير الدفاع وأمثاله فى وزارتى الطاقة والاتصالات يرونها فرصة جوهرية ولحظة مناسبة لن يجود بها الزمان بعد 50 عاما بمثلها وفى ظل غطاء أمريكى فى وجود قيادة فى البيت الأبيض مثل ترامب يوفرها لها حاليا حيث العداء شخصى بينه وبين حكام طهران لابد أن تحدث المواجهة وتقع الواقعة وتجرى المنازلة على الأرض والملعب السورى، وهذا قادم لا محالة فكل التطورات تنبىء بذلك.

وبالتالى ما حدث فى الأيام الماضية من مواجهات واستعراض قوة متبادلة ودخول إيران على خط المواجهة المباشرة مع إسرائيل لأول مرة منذ 40 عاما واستيلاء الملالى على القرار فى طهران بعد ثورة 1979 وإطلاق الوجود العسكرى الإيرانى الموجود حاليا فى سوريا 20 صاروخا على منطقة الجولان السورى المحتل حيث توجد بها قواعد وثكنات للجيش الإسرائيلى ما هى إلا بروفة حية لصورة وحتمية المشهد القادم حيث يبدو أن القرار قد اتخذ بالفعل داخل القيادة الإيرانية، وهو ضرورة خوض الحرب هذه المرة وهذا الصيف بالأصالة وليس بالوكالة كما كان فى السنوات الماضية. وعاد يخبرنى لا تنسى أن هذا التصعيد والتهديد الأمريكى ـ الإسرائيلى وهذا الاستفزاز ضد إيران على مدى الساعة لن يقابله صمت إيرانى، خاصة أن القادم لطهران على يد ترامب هو الأسوأ بعينه، وبالتالى فخلال هذا الصيف لابد لحكام متطرفين ومتهورين فى طهران أن يغيروا المعادلة وقواعد الاشتباك هذه المرة.

واستفاض الصديق الدبلوماسى والسياسى المخضرم بالقول أن التكتيك الإيرانى كما هو الإسرائيلى أيضا نقل معركتهم الآن على الأراضى السورية لإحداث اختبار القوة حيث الإيرانى يريد تخفيف وطأة الضغوط الأمريكية القادمة عليه بنقل المعركة إلى إسرائيل والأخيرة تريد إنهاء الصدمة والرعب ووقف استراتيجية التمدد والتغلغل الإيرانى فى الإقليم والكف عن لغة مسح وشطب تل أبيب وحيفا من على خريطة الوجود التى تعالت بنيرانها كثيراً فى الأيام الماضية من قبل جنرالات الحرس الثورى المخضرمين فى صنع المؤامرات والمكائد فى الإقليم على مدى الثلاثين عاما الماضية حيث أينما وجدت إيران وجدت الفوضى.

وبالطبع عندما تقع المواجهة وهى فى الأغلب قادمة ستتطاير نيران كثيرة وكثيفة ومشتعلة وستكون هناك ضربات ارتدادية ستطال بفعل الضرورة وصيرورة الحرب دول المنطقة حيث لن ينجو من تأثيرات الحرب إلا الدول الكبرى مثلنا فى مصر ولم تخف نبرات صوته الحزينة التى أعرفها منذ سنوات طويلة كوارث السيناريوهات المؤلمة التى ستتعرض لها المنطقة الآيلة للسقوط فى براثن الحروب والفتن القادمة ولم ينس أن ينهى حديثه ان تلك الحرب لن يوقفها إلا إذا تحلى قادة التوتر فى المنطقة بقليل من العقل ورفعوا أيديهم عن الزناد فى اللحظة الأخيرة واختفى ترامب من البيت الأبيض .

ووجدت نفسى وأنا أغادر جلسته أهمس بصوت عال داخلى الحمد لله أن بعث لنا الله فى مصر رئيسا كالسيسى وجيشا كجيشنا وقيادة حكيمة واعية توفر الحماية والأمن وتبعد شرر نيران هذه الحروب فى مقابل إعادة البناء والتعمير وصعود قطار المستقبل الواعد فى مصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف