أطرف خبر قرأته خلال الأيام الماضية، خبر عن عزوف مواطني بعض المدن في محافظة القليوبية عن توصيل الغاز إلى منازلهم، شركة الغاز قامت بتوصيل الشبكة إلى معظم أو جميع شوارع مدن: الخصوص، والقناطر، والخانكة، وانتظرت تقدم السكان إلى الشركة بطلب توصيله إلى الشقق، للأسف المواطنون لم يهتموا، وفضلوا استخدام الأسطوانة عن الغاز الطبيعي.
الشركة اتصلت بالمحافظ وأبلغته بالمشكلة، المحافظ اجتمع بمساعديه في المجلس التنفيذي للمحافظة(الخبر نشر قبل أيام باليوم السابع)، وتدارسوا تقرير شركة الغاز، الذى طرح سؤالا على قدر من الأهمية، وهو: لماذا لم يتقدم معظم سكان الخصوص والخانكة والقناطر الخيرية بطلب تركيب عداد لكى يستفيدوا من شبكة الغاز الطبيعى؟، لماذا فضلوا الوقوف فى طابور المستودعات وشراء أنبوبة وحملها إلى المنزل وتركيبها؟،
سكان الخصوص والخانكة والقناطر الخيرية يعلمون جيدا أن فاتورة الغاز أرخص من ثمن الأسطوانة، ومع الغاز الطبيعي لن يقلقوا من نفاد غاز الأنبوبة، كما أنهم لن يحملوها وينزلوا بها إلى المستودع والوقوف فى طوابير، ومع الغاز الطبيعي لن يخافوا من التسرب الذى يحدث فى الأنابيب، ولن يقلقوا من فكرة انفجار الأنبوبة، كما أن أهل الخصوص والخانكة والقناطر الخيرية يعلمون جيدا انه بإمكانهم التحكم فى الاستهلاك، سكان الخصوص والخانكة والقناطر الخيرية يعلمون كل هذا وأكثر، ومع هذا لم يتقدم معظمهم إلى الشركة لتقديم طلب، لماذا؟.
بسبب الفقر، أو ضيق ذات اليد، معظم هؤلاء لا يمتلكون المبلغ الذي تطلبه شركة الغاز لتركيب العداد ومدون مواسير داخلية فى المطبخ والحمام، هذا بخلاف طلب الشركة من المواطنين تركيب سيراميك فى المطبخ والحمام.
أهالينا في هذه المناطق مثل أغلبية هذا الشعب بالكاد يطعمون أولادهم، فالدخل أقل بكثير من احتياجاتهم، أغلبهم امتنع عن شراء اللحوم الحمراء والبيضاء، حتى التي تبيعها وزارة التموين فى المنافذ، من أين يوفر 85 جنيها لشراء كيلو لحم نصفه دهون ويستوى بعد أربع ساعات، بعض أهالينا يعيشون بمبالغ تبدأ من 400 جنيه، وتصل إلى 1500 جنيه، من هذا المبلغ يسدد فواتير الكهرباء، والمياه، وإيجار المسكن، والمواصلات، ومن المتبقي يطعم أولاده: فول، عيش حاف، باذنجان مقلي، حتى العدس لم يعد قادرا على شرائه، هل هذا المواطن قادر على تسديد قيمة عداد، ومواسير غاز، ومدخنة، وهواية، وتعديل بوتاجاز، وخرطوم جديد؟، هل دخله البسيط يمكنه من تقسيط المبلغ؟.
محافظ القليوبية لم يعجبه عجز المواطنين، وهدد في الاجتماع بإغلاق جميع مستودعات توزيع الاسطوانات بالمدن الثلاث، ولأن قراره هذا قد يدفع الناس إلى التظاهر تراجع وقرر تقديم حوافز لأول عشرين طلب، بوتاجاز هدية، وكأن أهلينا في هذه المدن يمتلكون المال ويبخلون به على أنفسهم، ولم يفكر للحظة هو ومساعدوه فى الفقر وعدم قدرة الناس المادية، السؤال: هل تقدم الأهالي طمعا فى بوتاجاز المحافظ؟، الله أعلم.