ماجد حبته
مراكز شباب قدرى المنياوى!
الحضور الطاغي لقدري المنياوي، وزير الشباب والرياضة الأشهر في تاريخ مصر، كاد ينسيني أن الرئيس عبدالفتاح السيسي استقبل، الإثنين، وزراء الشباب والرياضة العرب، بحضور المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب.
من تصريحات المُتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية، عرفنا أن الرئيس أكد أهمية دور وزارات الشباب والرياضة العربية في المرحلة الراهنة التي تمر بها الأمة العربية، والأهمية القصوى لقطاع الشباب في الحفاظ على الأمن القومي العربي. وأنه شدد على ضرورة صياغة «استراتيجية عربية» لاستثمار طاقات الشباب العربي في مختلف المجالات، ووصف ذلك بأنه «أمر مهم للغاية، لتحصين عقول الشباب العربي ضد الفكر المتطرف، وعدم ترك الفرصة لملء أي فراغ لدى الشباب بأفكار هدامة أو مغلوطة». وكان أبرز ما نقله المتحدث باسم الرئاسة، هو إشارة الرئيس إلى «الإمكانيات التي تزخر بها وزارات الشباب والتي تضم مراكز ودور شباب متعددة، منها ما يقرب من ٤٢٥٠ مركزًا شبابيًا في مصر».
لا أعتقد أنني بالغت حين قلت إن قدري المنياوي هو أشهر وزير للشباب والرياضة في تاريخ مصر. صحيح أنه لم يتول المنصب في أي حكومة تشكلت قبل أو بعد ٢٠٠٣، لكن أداءه الذي استاء منه رئيس الحكومة (محمد الدفراوي)، نال كثيرًا من إعجاب الشعب أو المشاهدين، قبل أن يتحول إعجابهم إلى الفتاة الدنماركية الجميلة، الجميلة جدًا، أنيتا هنري جوتنبرج (نيكول سابا)، التي حلّت ضيفة على منزل قدري المنياوي (عادل إمام)، وقررت أن تنقل تجربتها، تجربة بلدها، للوزير وحكومته وأولاده الأربعة الذين تنافسوا على نيل إعجابها، وتلك كانت «التجربة الدنماركية» أو عنوان الفيلم الذي أخرجه علي إدريس ووضع موسيقاه التصويرية خالد حماد.
بين المشاهد القليلة التي رأيناه فيها يمارس مهام وظيفته، زار قدري المنياوي أحد مراكز الشباب بإحدى القرى، مركز شباب أبوالمزامير (رياضي، ثقافي، اجتماعي، فني)، واستقبله ثلاثة أطفال بالزي غير الرسمي (بالملابس الداخلية) ولم يجد من يسأله عن «الباشا مدير المركز» غير سيدة جالسة تقوم بقلْي بطاطس وطعمية. وبعد اجتيازه مسافة قصيرة بصحبة البط والمواشي، وجد الباشا المدير جالسًا مع أعضاء مجلس الإدارة ومشرفي الأنشطة المختلفة يدخنون الجوزة: «عاملين شوية نشاطات بدل القعدة.. خد لك نفس.. صنف عالي قوي».. ومن الزغاريد عرف أن «دخلة فرج الليلة.. فرج الخروف».. لأن تربية الماشية «نشاط اقتصادي».. بينما كانت «حفلات الطهور» هي النشاط الاجتماعي!.
على عبثية الموقف أو المشهد، فإنه كان أحد المواقف الواقعية القليلة التي تضمنها الفيلم، ونقل الواقع الذي تعيشه فعلًا ٤٠٠٠ مركز شباب، ولاحظ أننا استبعدنا ٢٥٠ حتى لا نقع في فخ التعميم. مع الوضع في الاعتبار أن مراكز الشباب، غير الأعضاء في الجمعيات العمومية للاتحادات الرياضية، يبلغ عددها ٤١٤٥ مركزًا، حال بعضها « أسوأ من اللي ظهر في فيلم عادل إمام»، باعتراف وزير الشباب والرياضة نفسه، بالصوت والصورة، في ٢٦ يناير ٢٠١٤ وفي ذلك الفيديو قال «مصممين نصلح.. ومصممين نحل.. وإن شاء الله حاطّين خطة قبل ٢٠١٥.. قبل نهاية ٢٠١٥ مش حايكون عندنا مركز شباب مافيهوش ع الأقل البنية الأساسية، اللي تسمح لأي شاب أو فتاة بممارسة نشاط رياضي أو ثقافي».
فاتت ٢٠١٥ و٢٠١٦ و٢٠١٧ ونحن الآن في ٢٠١٨ ولم تحدث انتخابات في مراكز الشباب منذ ٢٠٠٨، وتكون واهمًا لو اعتقدت أن إصلاحًا حدث أو حلًا ظهر. ولم يصدر قانون الهيئات الشبابية إلا سنة ٢٠١٧ تبعته لائحة النظام الأساسي لمراكز الشباب، ثم القرار الوزاري رقم ٢٦ لسنة ٢٠١٨ الذي ألزمت مادته الثالثة الهيئات الخاضعة لأحكام هذا القرار بتوفيق أوضاعها وإعادة تشكيل مجالس إداراتها وفقًا للائحة، مع مد مهلة توفيق الأوضاع حتى ١٤ ديسمبر ٢٠١٨. وفي ١٦ أبريل الماضي، أعلن الوزير أن انتخابات مراكز الشباب على مستوى الجمهورية ستتم الدعوة لها اعتبارًا من ١ يوليو وحتى ٣١ أكتوبر، طبقًا للائحة التي أصدرتها الوزارة ٢٠١٨. بزعم أن إجراء الانتخابات خلال أربعة أشهر فرصة لإفراز قيادات شابة. وبما أن إجراء الانتخابات يكون بعد ٤٥ يومًا من توجيه الدعوة. فإن الانتخابات، التي ستتم الدعوة لإجرائها في ٣١ أكتوبر، سيكون موعدها في ١٤ ديسمبر المقبل.
الواقع الذي تعيشه مراكز الشباب، إلا قليلًا، لا تختص به المناطق الشعبية، الحواري والأزقة أو القرى البعيدة فحسب، بل لو خطفت رجلك (أو خطف الوزير رجله) سيجد المشهد نفسه في مركز شباب السيدة زينب «ب» بدرب الشمس بجوار مصنع «بمبم»، الذي تحول إلى «إسطبل» لتربية المواشي (أي زريبة) ومقهى أقرب إلى الـ«غرزة». بينما قالت الأساطير أن مركز الشباب نفسه، كانت تُقام فيه، منذ ١٠ سنوات، الدورات الرمضانية، وكان به ملعب لكرة القدم وآخر لكرة السلة، وكان الشباب يترددون عليه لممارسة البينج بونج (تنس الطاولة) والشطرنج، بل قيل إنه كان يضم حضانة للأطفال!.
الحضور الطاغي لقدري المنياوي، الوزير الافتراضي السابق أو الأسبق، كاد ينسيني أن خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة الحقيقي الحالي، قال كلامًا رائعًا وعظيمًا، خلال لقاء الرئيس بوزراء الشباب والرياضة العرب. إذ قال، لا فُضَّ فوه ومات من الغيظ كارهوه، إن إعلان القاهرة عاصمة الشباب العربي لعام ٢٠١٨- ٢٠١٩، يُعد دليلًا على الاهتمام الكبير الذي توليه مصر بالشباب. وأن مشروع العاصمة العربية للشباب، الذي يستهدف استضافة الشباب العربي في إحدى العواصم العربية سنويًا، أثبت نجاحًا ملحوظًا في تعزيز التواصل والتعرف على المجتمعات في كل دولة عربية!.
على هذا الكلام الرائع، العظيم، يستحق الوزير تصفيقًا حادًا وحارًا من شكري السيد (أحمد راتب) سكرتير قدري المنياوي أو مدير مكتبه. وسيكون التصفيق أكثر حدة وحرارة لو كان بين الحضور الشاب الخلوق بهاء (خالد شبل)، وعروسه (هبة عبدالحكيم) التي اتفق الجميع، داخل الفيلم وخارجه، على أنها «خبرة»!.