الأخبار
كرم جبر
رمضان بلمسات مصرية
إنها مصر
رمضان في مصر غير كل بلاد الدنيا، ومن أحب الكلمات ما قاله المرحوم الشيخ الشعراوي »إنها مصر التي قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم، أهلها في رباط إلي يوم القيامة، من يقول عن مصر إنها أمة كافرة، إذن فمن المسلمون ومن المؤمنون؟، مصر التي صدّرت علم الإسلام إلي الدنيا كلها، ذلك هو تحقيق العلم في أزهرها الشريف، وأما دفاعاً عن الإسلام فانظروا إلي التاريخ، من الذي رد همجية التتار؟، إنها مصر، من الذي رد ظلم الصليبيين عن الإسلام والمسلمين؟، إنها مصر، وستظل مصر رغم أنف كل حاسد أو مستغل أو مدفوع من خصوم الإسلام، إنها مصر وستظل مصر»‬.
ورمضان في مصر غير كل الدنيا، يعكس روح السماحة والمحبة والتعايش والسلام، وأحلي ما فيه البهجة والفرحة التي تدخل قلوب الصغار والكبار، وكلمة »‬كل سنة وأنت طيب»، وتبادل التهاني والدعاء، من المسلم والمسيحي وكل من يعيش علي هذه الأرض الطيبة، ممتلئا بحب الله وحبيب الله، عاشقاً لبلده الذي أضفي عليه الإسلام، صفاء القلوب ونقاء السريرة، والبعد عن كل صور التطرف والغلو.
رمضان بلمسات مصرية، هو الزينات والأنوار التي تملأ الشوارع والمساجد، ولم ينطفئ نورها في عز أزمة الكهرباء، وجبروت الجماعة الباغية، والنور ليس التيار الذي يسري في الأسلاك، وإنما لمسات إيمانية هادئة، تجمع قلوب المصريين في صلاة الفجر، والتواشيح التي تملأ فضاء الكون، تعكس فنا مصريا أصيلا، يمزج بين حلاوة الإيمان، وروعة الدعاء الذي ينساب علي الألسنة وينبع من القلوب.
مصر علمت الأطفال أن يحبوا رمضان والصيام، فهو ليس الجوع والعطش، وإنما الانصياع لحكمة الصوم، فالله سبحانه وتعالي لم يشرع حكماً إلا وفيه حكم عظيمة، قد نعلمها وقد لا تهتدي إليها عقولنا، وأحكامه سبحانه وتعالي غاية في الحكمة والكمال والإتقان.
في رمضان تمتلئ المساجد، وفي صلاة الفجر يتذوق الصائم حلاوة الإيمان، المشفوع بكل مظاهر البهجة، ومصر هي الدولة الوحيدة في الدنيا، التي لا ينام أهلها ليل نهار في هذا الشهر الكريم، وما أجمل ساحات مسجد الإمام الحسين والسيدة زينب والسيد البدوي وعبد الرحيم القنائي وغيرها، وتتجسد فرحة رمضان في مسجد السيدة نفيسة بالذات، ربما لأنها ماتت في شهر رمضان وهي صائمة، وربما لأن مسجدها يفوح بروائح مصرية إيمانية، وربما لأنها اختارت أن تدفن في أرض مصر الطيبة، لتظل سيرتها العطرة تملأ الميدان.
مصر التسامح هي التي ترفض دعاوي التطرف والتشدد، ويرفض شعبها من يحرمون مظاهر البهجة، واستهجنت من يحرمون الفوانيس والزينات والطعام والشراب، فلا تقشف ولا تضييق علي العباد، ولا يقتصر فعل الخير علي الصوم والصلاة، وإنما يتسع بامتداد موائد الرحمن التي لا يخلو منها شارع، وتضم الأغنياء والفقراء، في ملحمة للتكافل والمساواة، عندما يأكل الجميع من طبق واحد وطعام واحد، وألسنتهم تهمس بالدعاء »‬اللهم إني لك صمت وعلي رزقك أفطرت».
رمضان في مصر غير كل بلاد الدنيا، في كل شيئ حتي البرامج والمسلسلات، والبلد كلها تعلن حالة الطوارئ القصوي، استعداداً لقدوم ضيف كريم، يستحق كل الحفاوة والتقدير والاحتفاء.. هكذا كان رمضان وسيظل إلي الأبد، في مصر.. أم الدنيا.. وكل عام وأنتم بخير.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف