فيتو
أحمد رفعت
الكشف عن صفقة حزب الله مع واشنطن
الحوار الذي أجراه حسن نصر الله ، أمين عام تنظيم حزب الله اللبناني ، مع قناة الميادين الموالية لإيران حوار بالغ الخطورة ، وفي تقديري أنه أخطر وأهم حوار إعلامي لهذه الشخصية المثيرة للجدل حول دورها في لبنان والمنطقة ، نظرا للمعلومات التي كشف عنها ، خاصة فيما يتعلق بالاتصالات التي جرت بينه وبين الإدارة الأمريكية في أكثر من دورة ومع أكثر من رئيس ، بدءا من جورج بوش ، والتفاصيل الكاملة للعرض الأمريكي على حزب الله للتعاون معهم في المنطقة ، وقد حاول حسن نصر الله أن يقدم تلك الرواية على سبيل النقد أو التباهي ، غير أن ما حدث في المنطقة بعدها كان تطبيقا حرفيا لتلك الاتفاقية أو الصفقة .
في الحوار ، الذي انتشر الفيديو الخاص به على نطاق واسع ، قال نصر الله أن نائب الرئيس الأمريكي "ديك تشيني" أرسل إليه رسالة خطية مع مبعوث شخصي أمريكي "جورج نادر" ، وكانت تحمل عرضا أمريكيا تفصيليا للتعاون بين الجانبين ، صفقة ، والعرض الأمريكي كان سخيا ، حسب وصف نصر الله ، ويبدأ من حماية سلاح حزب الله في لبنان ، شريطة أن يكون السلاح لضبط الأوضاع داخل لبنان ولا يتم توجيهه إلى "إسرائيل" ، حتى لو وقعت هجمة أو شيء من هذا القبيل على لبنان ، لا يتم الرد بالسلاح ، وإنما يمكن من خلال شكوى لمجلس الأمن ، وشمل العرض أيضا ـ حسب كلام نصر الله ـ تمكين الحزب من المشاركة في حكم لبنان وتعظيم نفوذه فيها ، ورفع الاتهامات بالإرهاب عن قياداته أو تخفيف المطالبة في هذا المجال ووقف الملاحقات ، وأيضا الدعم المالي الذي يمكن أن يصل إلى ملياري دولار يشمل تعمير مناطق جنوب لبنان حيث سيطرة الحزب الشاملة ، وحيث يعتبر الجنوب إمارة حقيقية للحزب .
العرض الأمريكي كان يقابله ثلاثة مطالب ـ حسب كلام حسن نصر الله ـ الأول هو تأمين الحدود الشمالية "لإسرائيل" فلا تتعرض لقصف أو هجمات ، والثاني الامتناع عن دعم الفلسطينيين بالسلاح والذخيرة ، والثالث دعم حرب أمريكا على الإرهاب في المنطقة والمشاركة في الحرب على تنظيم القاعدة ، ويقول نصر الله في الحوار نفسه ، أن الأمريكيين قالوا أنهم يوافقون على أن يهاجمهم في الخطب والميكروفونات ، وأنهم سيتفهمون ذلك !! ، وعلق نصر الله على هذا بقوله : لأن معظم ما يتم من خطب فيها مهاجمة لأمريكا وإسرائيل هنا في المنطقة هي من "المأذون به" حسب قوله الحرفي .
الخطير في هذه الاعترافات أن كل معاني الصفقة تمت ترجمتها في الواقع بالفعل ، والتزم الطرفان بها ، فقد نجح تنظيم حزب الله في حماية أمن إسرائيل على مدار السنوات الماضية ، ولم يكتف بالامتناع عن مهاجمتها بأي شكل ، بل منع أي منظمة أخرى من أن تفعل أي شيء يضر بأمن إسرائيل انطلاقا من جنوب لبنان ، على الرغم من أن "إسرائيل" قصفت أكثر من مرة واغتالت قيادات من الحزب ، إلا أن نصر الله ـ فيما يبدو ـ كان وفيا تماما في الالتزام باتفاقه مع ديك تشيني ، والمعركة الوحيدة التي خاضها حزب الله بعد ذلك هي معركة اجتياح بيروت بالسلاح والسيطرة على مقرات الأحزاب والصحف والإذاعات ورفع أعلام الحزب عليها ، قبل أن ينسحب بعد ذلك ، وبعد أن أوصل الرسالة للجميع في لبنان أن سلاحه قادر على أن يفرض كلمته وسيادته في أي لحظة ، دون اعتبار لأي سلطة أخرى أو حكومة أو رئاسة أو جيش أو مؤسسات ، والأمر الآخر أن حزب الله توقف بصورة شبه تامة عن أي دعم لفلسطين وشعبها وحتى منظماتها الحليفة مثل الجهاد الإسلامي وحماس ، واكتفى الحزب طوال تلك السنوات بالخطب "المأذون بها" ، والتي احترفها زعيمه حسن نصر الله مبتزا العواطف العربية تجاه فلسطين والقدس ، فكان كلما تعرض الفلسطينيون لمذبحة أو اعتداءات يخرج إلى الميكروفونات ليهاجم إسرائيل والأمريكان ، وهي الطريقة "المأذون بها" كما أوضح هو نفسه بتفهم من نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ، حتى في الحرب على غزة ، عندما كان الفلسطينيون يبادون بقصف الطيران والصواريخ ، لم يطلق طلقة رصاص واحدة ، وإنما اكتفى بمساحة الكلام "المأذون بها" حسب الصفقة .
النقطة الثالثة في الصفقة وهي التعاون مع الأمريكيين في الحرب على تنظيم القاعدة وفروعه ، وهو ما نفذه الحزب بتضحيات كبيرة من شبابه في سوريا والعراق ، وهذا ما يفسر صمت إسرائيل على توغل حزب الله في سوريا وكذلك توغل القوات الإيرانية ، فقد وضح أن كل ذلك كان وفق تفاهمات تتعلق بالصفقة مع الإدارة الأمريكية .
من جانبهم ، وفى الأمريكيون باتفاقهم مع حزب الله ، فقد تركوا له السلاح وحتى تعزيز ترسانته من السلاح عبر المدد الإيراني ، باستثناء السلاح الثقيل ، حتى وإن نجح هو في تهريب بعض الأشياء ، وأيضا ضغطوا لتعزيز مكانة الحزب في الحكومة اللبنانية بدون أي تصعيد أو ممانعة من واشنطن وحلفائها ، وأيضا أنفقوا حوالي مليار ونصف المليار دولار في جنوب لبنان ، حيث نفوذ حزب الله الأساس ، وذلك من خلال جهود خليجية لإعادة الإعمار وتطوير البنية الأساسية ونحو ذلك .
المفاجأة ، أن الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام السابق لحزب الله ، قبل حسن نصر الله ، علق في فيديو شهير على تلك الاعترافات وقال بأنها دليل عمالة صريحة ، وأجرى المقارنات بين نقاط الصفقة وبين ما تم على أرض الواقع ليخرج بالنتيجة ذاتها ، وهي أن حزب الله بقيادة حسن نصر الله تحول إلى أداة أمريكية للسيطرة في المنطقة وتوجيه الأحداث وحفظ أمن "إسرائيل" .

شاهد فيديو نصر الله

شاهد فيديو الطفيلي
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف