الجمهورية
فريد إبراهيم
بالحسني .. لعلكم تتقون

كان القرآن الكريم واضحا ومباشراً في تحديد الهدف من الصيام الذي بمنظومة القرآن فرض علي الناس جميعاً منذ خلقت البشرية وان اختلفت خصائصه من أمة لأخري حيث قال تعالي "يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون" فالهدف هو التقوي بل ان هذا الهدف كما جاء في الآية لا يتحقق مع كل الصائمين أو مع كل أحوال الصيام بدليل الآية الكريمة التي استخدمت أسلوب الترجي بقولها "لعلكم" كأنها تقول لنا ان التقوي كهدف تتحقق إذا ما كان الصيام حقيقياً مكتملاً لركنيه المادي والروحي فإذا ما قام علي ركنه المادي المتمثل في الانقطاع عن الطعام والشراب والجماع لعدد ساعات يحددها التقويم الفلكي فقد لا يتحقق الهدف المنشود من الصيام لذا ورد عن رسولنا صلوات الله وسلامة عليه رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والنصب.
ومن هنا إذا لم تتحقق التقوي المنشودة فالصيام به ما به النواقص التي حرمته من تحقيق هدفه وإذا كان الهدف هو التقوي كما جاء في الآيات البينات يصبح الصيام بمثابة آلية تهيئة وتدريب واصلاح وتغيير تتم خلال شهر كامل في كل عام لتضبط الانسان علي منهج الله خاصة وانها تحاول ضبطه علي أعلي درجات هذا المنهج والمتمثلة في فضيلة المراقبة حيث يجعل الصيام الصائم رقيباً علي نفسه لا يحرسه إلا ذاته أمام الذي يعلم السر وأخفي.
إذن ما هي التقوي..؟
إذا عدنا لسلفنا الصالح وجدنا سيدنا عمر بن الخطاب يسأل ابي بن كعب عن معناها فيجيبه بقوله يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً ذا شوك هل مشيت في طريق به اشواك قال بلي فقال فما صنعت فيه؟ قال شمرت وحذرت أي شمرت ملابسي حتي لا تشتبك بالأشواك وحذرت أي كنت أضع قدمي وأرفعها بحذر شديد حتي لا تصيبها الأشواك.
ومن هنا فالتقوي هي الحرص علي تجنب ما يغضب الله واتيان ما يرضاه وإذا كانت التقوي متمثلة في الحرص فقط فان الانسان يظل في مرحلة التدريب التي قد تطول اما إذا انطبعت جوارح الانسان علي فعل ما يرضي الله فقط دون معاناة في الوصول إلي هذا السلوك وانطبعت جوارحه ايضاً علي تجنب ما يغضب الله دون جهد ومشقة في تجنب غضبه فان خلق التقوي يكون قد تم والتدريب نجح لان الانسان الزم نفسه خلال شهر كامل ماديا ومعنويا بما يليق به ان يكون في وقاية من غضب الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف