المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان ( 3 )
في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مما فرضه للناس من بيت المال انه فرض لأسامة بن زيد خمسة آلاف وفرض لابنه عبدالله بن عمر ألفين فقال ابن عمر: فضلت اسامة علي وقد شهدت ما لم يشهد؟ فقال: كان أسامة أحب إلي رسول الله منك وأبوه كان أحب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم من أبيك. كما جاء في الاستيعاب. هذه الرواية تعتبر نقطة ومقدمة تكشف مدي أهمية الشخصية التي أتناول مسيرتها في هذه السطور.. انه أسامة يكن زيد بن حارثة بن شراجيل وامه أم أيمن حاضنة رسول الله صلي الله عليه وسلم فهو وأيمن اخوان لأم ويكن اسامة بأبي محمد وروي ابن عمر ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ان اسامة بن زيد لأحب الناس إلي أو من أحب الناس إلي وأنا أرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا.
مسيرة أسامة بن زيد تشتمل علي الكثير من الصفات مما أهله لأن يستعمله رسول الله صلي الله عليه وسلم في أحد المهام وهو ابن ثماني عشرة سنة في اطار اهتمامه صلي الله عليه وسلم بالشباب الذين تربوا علي مبادئ الاسلام المعتدلة ويضاف إلي ذلك ان أسامة تعثرت قدمه في عتبة الباب أثناء دخوله إلي مجلس رسول الله فطلب الرسول صلي الله عليه وسلم: أميطي عنه فكأنها تقذرته لكن الرسول الكريم جعل يمص الدم ثم يمجه وقال صلي الله عليه وسلم: لو كان اسامة علي وجهه دم لظللت أزيله حتي يتم تنقيته تماما. كما ان الرسول كان حريصا علي أن يصطحب أسامة معه في بعض رحلاته. فقد استقل رسول الله صلي الله عليه وسلم راحلة واردف وراءه أسامة وهو يعود سعد بن عبادة وذلك واقعة بدر.
ها هو أسامة قد أدرك كافرا في إحدي الغزوات التي كان يشارك فيها وقد أدرك خلال المعارك هو ورجل من الأنصار. فلما أشهرنا عليه السلاح قال: "أشهد ألا إله إلا الله" فلم نبرح حتي قتلناه فلما قدمنا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم أخبرناه خبره فقال: من لك يا أسامة بلا إله إلا الله فقلت: يا رسول الله إنما قالها تعوذا من القتل فقال: من لك يا أسامة بلا إله إلا الله فوالذي بعثه بالحق مازال يرددها علي حتي وددت أن ما مضي من اسلامي لم يكن واني أسلمت يومئذ فقلت أعطي الله عهدا ألا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله ومما جاء في كتب التراجم والسيرة فقد روي عبيد الله بن عبدالله قال: رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم فدعي مروان ابن الحكم إلي جنازة ليصلي عليها فصلي عليها ثم رجع وأسامة يصلي عند باب بيت النبي صلي الله عليه وسلم فقال له مروان: إنما أردت أن يري مكانك فعل الله بك وفعل وقال قولا قبيحا ثم أدبر فانصرف أسامة وقال: يا مروان انك أذيتني وانك فاحش متفحش وإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: ان الله يبغض الفاحش المتفحش. تلك هي ثمار آداب الاسلام التزام بحسن الخلق وعدم الرد علي البذاءة ببذاءة مثلها. ليت شبابنا يتعلم ويستوعب.
ومما يضاف إلي هذه المسيرة ان النبي صلي الله عليه وسلم أمر أسامة بن زيد علي الجيش الذي سيره إلي مؤتة في علته التي توفي فيها ليس هذا فحسب فإن النبي صلي الله عليه وسلم استعمل علي الجيش الذي سار إلي مؤتة أباه زيد بن حارثة وقال: ان أصيب فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب فعبدالله ابن رواحة وأما ابنه اسامة فإن النبي صلي الله عليه وسلم استعمله علي جيش وأمره أن يسير إلي الشام أيضاً وفي الصحابة كثير وفيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولما اشتد عليه المرض قال صلي الله عليه وسلم أنفذوا جيش أسامة وذلك ليست غزوة مؤتة فقط. هذا رجل من أصحاب الرسول تربي علي يديه فكان نعم القدوة لكل الأجيال.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف