المسلمون الأوائل تحملوا كثيرا من المصائب والوان متعددة من الإيذاء. فقد كان المشركون يتراصدون كل تحركاتهم وكتب السيرة والتراجم مليئة بما كان يتعرض له هؤلاء المسلمون.. منهم كان يعذب بوضعه موثقا تحت حرارة الشمس ولهيبها الذي يتجاز طاقة البشر ومع ذلك كان المسلمون صامدين ولم يستجيبوا لمطالب المشركين فها هو بلال بن رباح افضل مثال لهؤلاء الرجال الأوائل فقد كان يردد أحد.. أحد رافضا كل ما يطلبه هؤلاء المعذبون ونداءاتهم المتكررة بأن يتراجع عن اسلامه وينضم لعبدة الاصنام.. وها هو رجل من هؤلاء الرجال فقد شاءت الاقدار أن يولد خارج ام القري انه محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر القرشي الجمحي. فقد اضطر والده للهجرة إلي الحبشة مع زوجته أم جميل فاطمة بنت المجلل وقيل جويريه وقيل اسماء بنت المجلل بن عبدالله ابن لؤي القرشية العامرية. وكانت حاملاً.. وتحملت مشاق ومتاعب الهجرة ومما خفف معاناة هذه الام ومن معها من المهاجرين من الرجال والنساء أن ملك الحبشة النجاشي قد وفر لهؤلاء المسلمين كل وسائل الرعاية والحماية.. ووسط هذه العناية وضعت بنت المجلل ولديها وقد فرح به والده حاطب بن الحارس الجمحي واتفق مع زوجته علي تسميته باسم "محمد" وهو اول من سمي في الاسلام بهذا الاسم وفي بعض الروايات ان والده هاجر به إلي الحبشة وهو طفل. وايا كانت الروايات فإن هذه الاسرة كانت سعيدة في حياتها ولم تتأثر بأي متاعب الغربة عن ديار الاهل بمكة المكرمة.
عقب انتهاء فترة هجرة هذه الاسرة بأرض الحبشة عادت إلي المدينة المنورة حيث كان المسلمون هاجروا إليها ومن المصادفات في حياة هذه الاسرة انهاتعرضت لواقعة اصيب خلالها. ابنها محمد بآلام نتيجة اصابته ببعض الجروح في ذراعه.. وتفاصيل هذه الواقعة يحكيها محمد عن والدته فقد قالت لابنها: خرجت بك من الحبشة حتي إذا وصلت إلي المدينة ولم تمر ليلة أو ليلتين بها.. وكنت قد طبخت لك طبيخا. وشاء القدر ان يفني الحطب الذي استعمله لانجاز الطبيخ فتركت القدر وذهبت ابحث عن الحطب لاستكمال الطبيخ. واثناء تناول القدر من فوق الموقد انكفأ علي ذراعك وحدثت بك بعض الجروح والاورام نتيجة ذلك تضيف الأم: ووسط مشاعر الالم نتيجة تعرضك لهذه الاحداث توجهت بك إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا محمد بن حاطب وهو أول من سمي باسمك وتطييبا لمشاعر هذه الام قام الرسول صلي الله عليه وسلم ببعض الاعمال لعلها تخفف من آلام الطفل فقد تفل رسول الله في فمه حيث الاصابة ومسح علي رأسه ودعا له. ثم تفل صلي الله عليه وسلم علي يده ثم قال صلي الله عليه وسلم: اذهب البأس رب الناس اشفي انت الشافي. لا شفاء إلا شفاؤك. شفاء لا يغادر سقما" تقول الام وضيفا لابنها حاطب فما قمت من عند رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي برئت يدك تلك خصوصية لسد الخلق صلوات الله وسلامه عليه وتاريخ حاطب حافل بالأحداث والوقائع فمما تتناقله كتب السيرة والتراجم ان اسماء بنت عميس قد شاركت ام حاطب في ارضاعه مع ابنها عبدالله فكانا يتواصلان باعتبارهما اخوين في الرضاع وظلا يتواصلان حتي توفاهما الله سبحانه وتعالي.
وقد شب محمد حاطب في رحاب المدينة المنورة تحت رعاية رسول الله صلي الله عليه وسلم المسئول عن هؤلاء المسلمين جميعاً وقد كان من رواة الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد روي عنه عدد من الصحابة ومن هؤلاء إبراهيم بن محمد وغيره عن محمد بن عيسي عن احمد بن منيع عن ابويلج ان حاطب محمد الجمحي قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "فصل بين الحلال والحرام الدف والصوت" المقصود الإعلان عن الزواج بالصوت والذكر بين الناس. وقد شهد محمد بن حاطب كل المشاهد التي خاضها المسلمون وقد رحل عن الحياة وعمره اربع وسبعين سنة.. وكانت وفاته بالكوفة وقيل باكلوفة.