الأهرام
يوسف القعيد
الديمقراطية هى الحل
وصلت فندق الماسة فى الثامنة صباح الأربعاء الماضي. لحضور مؤتمر الشباب الرابع. وغادرت المكان الثامنة والنصف مساء. قضيت أكثر من 12 ساعة أتابع المؤتمر. أعتبره أفضل المؤتمرات التى حضرتها. وكنت موجوداً فى مؤتمرات الشباب منذ الأول، وحتى مؤتمر الأسبوع الماضي. تختلف الأمور من مؤتمر لآخر. لكنك إن ذهبت إلى هناك، وبيدك دعوة الرئاسة. ستكتشف أن ثمة كلمتين تشكلان دستور المؤتمرات: أبدع، انطلق. والدعوة إلى الإبداع مهمة، خصوصاً بمرحلة الشباب حيث الاعتراض وطرح الأسئلة الحرجة، والممنوعة. الإنطلاق يعنى ألا حدود لما يمكن أن يقال. لست مصاباً بعقدة الغرب حتى أشبه ما رأيته فى مؤتمرات الشباب بهايد بارك مصرية. شاهدت ما يجرى فيها عندما زرت لندن. وتمنيت أن تكون لدينا هايد بارك تخصنا. وها هى أجلس فيها الآن.
سمعت الشباب يتحدثون بحرية وطلاقة. ويقتربون مما كنا نتصور أنه محظور الكلام فيه فى حضور الرئيس. تحدثوا عما يخص أحوال مصر الراهنة: هنا والآن. ابتداء من العمل السياسي، وصولاً إلى تذكرة المترو وعملية تطوير التعليم التى لم تكن مدرجة على جدول أعمال المؤتمر. وقد اعترف الرئيس بذلك. لكنه تحدث عنها. قال الرئيس إن المؤتمر فرصة وخطوة على الطريق. لنبقى شيئاً لأحفادنا. إن المؤتمر يمثل فرصة للتحاور ومناقشة القضايا التى تشغل المواطن والوطن. إن إرادة المصريين أقوى من السلاح النووي. وأكد أنه لا يسعى لشعبية زائفة. وأنه يتحمل المسئولية أمام الله. ويعمل من أجل المائة مليون مصرى الذين منحوه ثقتهم.
لم يتناول الكلام الداخل فقط. لا يمكن فصل الداخل عن الخارج. فى حالة السيولة التى يمر بها عالم اليوم. وعندما تحدث عن سد النهضة أكد أن هناك انفراجة فى مفاوضات سد النهضة. وكعادته التى تعودنا عليها لم يشأ أن يدخل فى التفاصيل التى لم نصل لأوان إعلانها بعد. لكنه قال ما يطمئن المصريين. حصة مصر المائية لن تتأثر. أخبرنا أن رئيس وزراء إثيوبيا سيكون فى القاهرة خلال أيام. أى فى رمضان.
وصف الشباب الحياة السياسية الراهنة بالمتردية. وهو وصف أوافق عليه. ولكن الرئيس خاطب عدداً من شباب المعارضة الحزبية المشاركين فى المؤتمر: نحن فى حاجة إليكم جميعاً معنا. المؤتمر أطلق من أجل أن يكون منصة لنا جميعاً من أجل أن نستمع بعضنا البعض. وأن نتفاهم مع بعضنا البعض.
أضاف الرئيس: الحياة السياسية تهدف إلى وجود كيانات قادرة أن تدفع بالدولة إلى الأمام نحو تطورها. وجود ثمانية أو تسعة أحزاب فى البرلمان الآن شىء إيجابي. لا يأخذكم الطموح الجامح، لأن هدفنا فى النهاية أن ننجح. ثم تحدث الرئيس ربما أكثر من مرة عن الصورة المكتملة غير المنحازة: من يريد أن يعارض فليعارض. لكن المعارضة ليست تحدياً فى الرأي. إن كان هناك رأى آخر فعليك أن تسمعه لأن غايتنا واحدة. وهى الوصول إلى أفضل الحلول.
وحذَّر الرئيس من خيط رفيع بين الأهداف النبيلة والنيات الحسنة والنيات الخبيثة والهدامة. وعندما سمع الرئيس الشباب يعبرون عن حالة القلق المشروع على ما يجرى فى ملف الحقوق والواجبات. قال: أنا أيضاً مع من تحدثت عن قلقها فى خصوص هذا الملف. وأنا أيضاً ينتابنى بعض القلق. لكن ما يحكمنى فى ذلك هو وضع البلد. وأمامنا دول أخرى كانت الأهداف فيها نبيلة. ولكن رأينا النتائج. وأكد أن مسئوليته الجوهرية هى الحفاظ على الدولة.
لم أكن أعرف أن موسى مصطفى موسى موجوداً فى اللقاء. وسعدت بوجوده. عندما شكره الرئيس السيسي. فوقف. كان يجلس وسط القيادات الحزبية. فى الجلسة الأولى وعنوانها: رؤية شبابية لتحليل المشهد السياسى فى مصر. قدم الرئيس الشكر لموسي. رئيس حزب الغد، المرشح فى الانتخابات الرئاسية. قال السيسي: أنا بأشكرك واتشرفت إنك كنت معايا فى الانتخابات. وأقسم لك بالله. كنت أتمنى أن يكون معايا كثير فى الانتخابات.
شكر السيسى لموسى كان الثالث. سبق أن شكره فى الثانى من أبريل فى الكلمة التى ألقاها الرئيس. وقال فيها: ولعل العمل على زيادة مساحة المشاركة السياسية بين المصريين سيكون على أولويات أجندة العمل الوطنى خلال المرحلة المقبلة. وبهذه المناسبة العظيمة أتوجه بالشكر والتقدير لموسى مصطفى موسي، الذى خاض هو وأعضاء حملته الانتخابية منافسة وطنية شريفة ومتحضرة. دللت على ما يتمتع به من حس وطنى عال وأداء سياسى راق. ثم جاء الشكر الثانى على صفحة الرئيس على الفيس بوك وتويتر. فى حضورنا وأمامنا أعلن الرئيس الإفراج عن 332 من الشباب وطلاب الجامعات الذين أوصت لجنة العفو الرئاسى بالإفراج عنهم. كان طلب الرئيس من وزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار، أن يتناول الشباب السحور الأول فى رمضان مع عائلاتهم. لاحظ أن الكلام كان يتم فى الرابعة عصراً. وعندما نعرف ونتمثل صعوبة وطول إجراءات الإفراج. ستدرك أى معجزة تمت. أن بعض الشباب الذين أفرج عنهم متهمون فى قضايا تظاهر. لكن القاعدة أن ما تتوصل إليه لجنة العفو الرئاسى تتم الموافقة عليه. بدأت قوائم العفو الرئاسى فى أكتوبر 2016. لكن المهم أن الرئيس أكد عدم تدخله فى إعداد القوائم. وقال كلما انتهت اللجنة من إعداد قائمة. صدقنا عليها فوراً. قال الرئيس: البطل الحقيقى هو الشعب المصري. وأتحمل مسئولية الإصلاحات الاقتصادية. والدولة قد تعانى لكنها لن تضيع. وسعر الخدمات فى مصر أقل كثيراً من سعرها الحقيقي. حتى لو لم ترض طموحات المواطنين. وأكد أننا لا بد أن نكسر الفقر والضعف والتراجع الذى تعانى منه مصر. وطالب الحاضرين بعدم المقارنة بين مصر ودولة تعدادها 350 ألفا وميزانيتها 50 مليارا. وأنه يعلم أن ما لدى الناس قليل. لكن دون الإصلاحات لن يجد الناس معهم شيئاً. وحلم الرئيس أن ننشئ وزارة للسعادة. وهى الوزارة التى أنشئت أخيراً فى الإمارات العربية المتحدة. قال إننا فى حاجة لخمسين بئر ظهر لننشئ هذه الوزارة. وزارة للسعادة؟! يا له من حلم يليق بمصر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف