المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
كان في المدينة المنورة قبيلتان هما الأوس والخزرج ومن بينهما كان هناك رجال وقفوا بجوار الدعوة المحمدية وعرفوا بالانصار الذين فتحوا قلوبهم قبل ديارهم ترحيباً برسول الله صلي الله عليه وسلم وصدق في جانبهم قول الله تعالي "والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" [9 سورة الحشر] وهذا واحد من هؤلاء الرجال إنه محمد بن مسلمه بن خالد بن الحارث بن الخزرج بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي ثم الحارثي حليف بني عبدالأشهل ويكني بأبي عبدالرحمن وقبل أبوعبدالله.. وقد من المسلمين الذين انضموا لجيوش المسلمين فقد شهد بدراً واحدا وسائر المشاهد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ما عدا تبوك وقد كان ظل طوال حياته بالمدينة المنورة ولم يستوطن غيرها من البلاد وهو أحد الذين قتلوا كعب بن الاشرف واستخلفه رسول الله صلي الله عليه وسلم علي المدينة المنورة في بعض غزواته. إنه من الرجال الصادقين ولذلك كان محل ثقة رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث استخلفه علي المدينة أثناء غزوة تبوك وقبل غزوة قرقرة الكدر وتقع بالقرب من المدينة المنورة. وقد كان مرافقا للرسول حتي لحق بالرفيق الأعلي.
محمد مسلمة كان صديقا وصاحبا للعمال فقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين تولي شئون الأمة الإسلامية بعد أبي بكر الصديق يستعين بمحمد مسلمه إذا اشتكي إليه أي عامل ومن هذه الثقة أيضاً فقد كان عمر بن الخطاب يرسله إلي عماله ليأخذ شطر أموالهم لأنه كان يقدر معني الأمانة ويقدر كذلك ثقة أمير المؤمنين. وقد كان محمد مسلمة مسلما حصيفا يبتعد عن مواطن الفتنة ولا غدو فهو أحد الذين تربوا في مدرسة سيد الخلق صلي الله عليه وسلم.. ولذلك عندما نشبت الفتنة بعد مقتل عثمان بن عفان. المنزل هذه الفتنة وابتعد عن أي صلة تؤدي به إلي ساحة الفتنة أو أي من أطرافها خاصة أنها نشبت بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان. وتأكيداً لهذا الاعتزال اتخذ سيفا من خشب ليوضح ابتعاده عن كل مسالك الفتنة وآطرافها كان يردد وهو يحمل هذا السيف بذلك أمرني رسول الله صلي الله عليه وسلم.
محمد مسلمه كان حريصا علي الاستمرار في هذا السلوك بعيداً عن كل أمور الفتنة ومشاكلها.. ومما رواه عنه سفيان الثوري عن سلمان الأحول عن طاوس قال : قال محمد مسلمه أعطاني رسول الله صلي الله عليه وسلم سيفا وقال : قاتل به المشركين. فإذا اختلف المسلمون بينهم فاكسره علي صخره ثم كن جلسا من أجلاس بيتك. يعني كن مستقراً في بيتك واستمر ملازما له حتي تنجو بنفسك بعيدا عن هذا الشقاق وتلك الخلافات. ولذلك لم يشهد أي حروب من حروب الفتنة وكان ممن شاركه في الابتعاد عن هذه الفتنة سعد بن أبي وقاص. وأسامة بن زيد وعبدالله بن عمر بن الخطاب ومعهم آخرون. وقد كان محمد مسلمة حديث أهل زمانه لابتعاده عن الفتنة وخلافاتها يقول حذيفة بن اليمان : إني لأعلم رجلا لا تضره الفتنة. محمد مسلمة هذا واحد من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن أهل الإيمان الذي استقر نور اليقين في قلبه وقد وافته المنية سنة ست واربعين أو سبع واربعين من الهجرة عن عمر يناهز سبعا وسبعين سنة. وقد كان محمد مسلمة اسمر شديد السمرة. طويلا أصلع ترك من الأبناء 10 ذكور وست بنات.. رحمه الله رحمة واسعة فقد كان صحابياً معروفا بصدقه وأمانته. إنه بحق نموذج وقدوة لسائر البشر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف