تنطلق فضيلة التكافل الاجتماعي في ديننا الحنيف من قوله صلي الله عليه وسلم: "من كان عنده فضل ظهر فليعد به علي من لا ظهر له. ومن كان عنده فضل زاد فليعد به علي من لا زاد له.. وذكر من أصناف المال حتي رأي الصحابة أنه لا حق لأحد منهم في فضل" والفضل هو الزيادة.
ومن هنا فالإسلام بشريعته دين التضحية والعطاء ليس هذا فقط بل إن العطاء يصل إلي أن يعطي الإنسان كل زيادة لديه علي ما يكفيه في يومه.
والمؤمنون يعطون كل زيادة لديهم مستندين علي يقينهم في رزق الله "وما من دابة في الأرض إلا علي الله رزقها" وقوله "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوي".
من هنا تكونت فضيلة العطاء فرأينا عالم مصر وفقيهها الليث ابن سعد يخرج ثمار أراضيه الكبيرة والكثيرة فيوزعها كاملة حتي قيل إنه لم يمتلك يوماً نصاب زكاة لأنه ينفق كل أمواله.
والتكافل هذه الفضيلة العظيمة هي العلاج الناجح للحسد بل هي صانعة الحب والتواد والتآزر بحيث يسري في المجتمع شعور من شأنه أن يجعل من الأمم والبلاد قوة لا تقاومها قوة وجنة لا تشوبها كراهية أو تباعض.
أقول هذا الكلام وأنا أتابع أناساً دفعهم إيمانهم بحق الآخرين ودفعهم شعورهم بتقديم الفضل لمن في حاجة إليه فوجدناهم دون ضجيج يتجهون إلي المستشفيات التي يؤمها الغرباء من أقاصي الوطن ليتابعوا ذويهم من المرضي فيؤجرون حولها العقارات لتكون مكاناً لراحة المسافرين هؤلاء ويقدمون إليهم ما يحتاجونه من طعام وشراب لا يريدون من ذلك إلا وجه الله.
وكأني بمصر القديمة التي كانت أوقافها تتجاوز نصف أملاكها حتي صدق فيها من قال "لا يبيت أحد دون عشاء" وتتطورت هذه الأوقاف حتي شملت كل شيء من تعليم وصحة وإطعام وإيواء ثم تطورت حتي شملت الحيوانات والطيور في السماء في سلوك لم يتكرر في مكان آخر.
فتحية لمن أجر عقارات حول قصر العيني وحول 7575 وحول مستشفي أهل مصر وندعو الآخرين القادرين أن يحذوا حذوهم فلا نجد مريضاً يحتاج إلي رعاية مركزه فلا يجدها أو يحتاج إلي علاج فلا يجده بل نجد المستشفيات قادرة علي الوفاء بحاجات المستحقين.. واعتقد أننا نستطيع.