هذا رجل من أكابر الصحابة ومن أهل الإيمان السابقين في الإسلام وهو الذي اختار رسول الله صلي الله عليه وسلم منزله للإقامة به. وذلك عند وصوله إلي المدينة المنورة مهاجراً من مكة مع الصديق أبوبكر بن أبي قحافة رضي الله عنه. ورغم أن الصحابة من أهل المدينة المنورة كانوا يتهافتون لكي يحظو بشرف إقامة الرسول صلي الله عليه وسلم في منازلهم وكانوا خلال هذا التهافت يعترضون الراحلة التي كان سيد الخلق صلي الله عليه وسلم يستقلها إلا أنه صلي الله عليه وسلم كان يقول من يعترضها من هؤلاء الصحابة الأفاضل: دعوها فإنها مأمورة. وعند وصول ركب الرسول صلي الله عليه وسلم إلي منزل أبي أيوب الأنصاري وقفت الراحلة أمام هذا المنزل فعرف الجميع أن أبا أيوب قد نال هذا الشرف وقد أخذ أيوب يعرض علي النبي محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم الأماكن التي يريد الإقامة بها هل بالطابق الأول أو الثاني وللرسول حرية الاختيار وقد ظل رسول الله صلي الله عليه وسلم في منزل أبي أيوب إلي أن بني بيته ومسكنه الذي انتقل إليه مقدراً لأبي أيوب حسن الاستضافة.
أبوأيوب الأنصاري اسمه خالد بن زيد بن كليب بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي البخاري وكنيته أبوأيوب. وهو من أهل الإيمان ومن فضلاء الصحابة.. وقد شهد بدراً وغزوة أحد وسائر المشاهد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان من الملازمين للإمام علي بن ابي طالب ومن خاصته المقربين رضي الله عنه.
وقد كان أبوأيوب الأنصاري من بين الذين نالوا شرف رواية الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن بين ما رواه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: "من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال. كان كصيام الدهر" وقد كان أبوأيوب محل ثقة الصحابة جميعاً خاصة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولقربه من علي رضي الله عنه كان من المؤيدين لموقفه في نزاعه مع معاوية بن أبي سفيان وقد شهد مع الإمام علي موقعتي الجمل وصفين وكان في المقدمة يوم النهروان أحد هذه المعارك.
امتدت الحياة بأبي أيوب الأنصاري فشهد أيام حكم معاوية بن أبي سفيان وشهد بعض الغزوات مع يزيد بن معاوية الذي تولي الحكم بعد والده معاوية.. وفي سنة إحدي وخمسين من الهجرة النبوية وافته المنية فلقي ربه راضياً وقد تم دفنه في مدينة القسطنطينية وقد أمر يزيد قادة الخيول بأن يأخذ الخيول لكي تقبل وتدبر علي قبر هذا الصحابي وقد أخذت الخيول تذهب وتروح حتي اختفت معالم القبر. وقد تم اتخاذ هذه التدابير حرصاً علي عدم نبش قبره رضي الله عنه. وقيل الروم قالت للمسلمين في صبيحة دفن أبي أيوب الأنصاري: "لقد كان لكم الليلة شأن. قالوا: هذا رجل من أكابر الصحابة الملازمين للرسول صلي الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاماً. وقد تم دفنه ولئن اقترب أحد لنبشه لسوف نضرب لكم بناقوس في أرض العرب لابلاغكم بمن قام بعملية نبش قبره رحم هذا الصحابي الجليل من أهل الإيمان وقد حفظ الله جثمانه من أي نبش. رحم الله هذا الصحابي بقدر ما أعطي وجاهد في سبيل الله.