الصباح
هانى دعبس
الرئيس والغلابة
>>«السيسى» شرح التحديات الاقتصادية التى تواجه مصر بلغة بسيطة وأرقام موجزة حتى يدرك الجميع حجم الأعباء
>>لخص للمصريين البسطاء أسباب القرارات الصعبة فى جملة: «الغلب عمرك ما هتطلع منه غير بالشقا والصبر»
«ما تم إنجازه خلال الأربع سنوات الماضية عبارة عن خطوة على الطريق».. بهذه الجملة افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى المؤتمر الوطنى الخامس للشباب، الذى تحدث فيه باستفاضة عن التحديات التى تواجه مصر، والقرارات الحتمية المواجهة لها.. سمعت حديثه بتركيز، مدققًا فيما بين السطور، محاولًا فك لوغاريتمات اقتصادية؛ كان يجب أن يستوعبها المصريون، خاصة فى هذه المرحلة الصعبة التى تمر بها مصر، حتى يعلم الجميع خلفيات تلك القرارات، وهو ما نجح فيه «السيسى»، بحديثه السهل الممتنع!
التحديات صعبة، هذا ما حاول الرئيس شرحه للشعب، بلغة بسيطة وأرقام موجزة، خاصة فيما يخص الجهاز الإدارى للدولة، حيث قال: «تم تعيين مليون موظف فى 2011، كلهم لا عمل لهم بالجهاز الإدارى المشبع بالموظفين، كان فيه 5.5 مليون موظف وزودنا عليهم مليون بالمظاهرات، وتم تعيين ألف منهم فى المترو، وده حصل فى كل وزارات مصر»، لكن رغم هذا العبء الكبير الذى تتحمله الدولة، طمأن «السيسى» العاملين بالقطاع الحكومى، قائلًا: «أنا ما أقدرش أمشّى الناس دى، ومحدش هيقدر يمشيهم، والـ7 ملايين اللى فى الجهاز الإدارى محتاجين منهم بالكتير مليون، بس محدش يقدر يمشيهم وما ينفعش ومش هنعمل كده، وهذا العبء فاتورة كلنا مع بعضنا ندفعها، ومع بعضنا نقدر».
ولم يترك الرئيس الفرصة، دون أن يتحدث عن ارتفاع سعر تذكرة مترو الأنفاق، والتى أرقت قطاعًا كبيرًا من الشعب خلال الأسبوع الماضى، فقال: «وزير النقل أخبرنى إن الخط الأول للمترو يحتاج إلى صيانة تقدر بـ30 مليار جنيه، ولو فيه لمبة اتحرقت مش هانعرف نصلحها، لأن تشغيل الخط ما بيحققش مصاريفه من مرتبات وصيانة، فى الوقت الذى لم نستطع فيه حتى الآن تسديد قرض إنشاء خط المترو الأول»، متسائلًا: «طيب نقفل الخط بتاع حلوان؟، وأحنا كدولة بنحاول نحل المسألة قدر الإمكان، فسعر تذكرة المترو فى اشتراكات الطلبة وكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، يتراوح سعرها من 12 إلى 15 قرشًا، وسعرها الحقيقى 16 جنيهًا».
وشدد «السيسى» على أن التحدى الذى يواجه مصر أكبر من أى حكومة وأى رئيس، مضيفًا: «إذا كنتم عاوزين بلدكم تتبوأ مكانها وسط الأمم اوعوا تتصورا أن ده بييجى بسهولة، وليس لدينا ترف فى تضييع الوقت أو عدم اتخاذ القرار ولو ما خدتش القرار يبقى قصرت فى حقكم كلكم»، ووجه حديثه للمصريين؛ قائلًا: «أنا عايزكم فى ضهر مصر.. وأنا فى ضهرى ربنا، لأنه هو اللى مُطّلع عليّا وهو اللى هيحاسبنى ونقف قدامه ونتحاسب، والله لأقف أمام الله وأقوله أنا مسامح».
وأراد الرئيس، التفرقة بين ما يمكن فعله، وما يتم على أرض الواقع، فى رد قوى على المنظرين والكارهين، بتأكيده على أن هناك فرقًا كبيرًا بين المسار المعرفى والنظريات والبيانات وتطبيقها وخصوصية التجربة، قائلًا: «يعنى خصوصية تجربة مصر وظروفنا أحنا وكل اللى بيتم تداوله من إجراءات ممكن تتعمل، موجودة، وكل الأكاديميين عارفينها، لكن إزاى تعملها مع ظروف بلدك»، مستشهدًا على حديثه بقطاع النقل، بقوله: «قطاع زى السكة الحديد والمترو، هنقول المرفق ده محتاج إجراءات للإصلاح، لكن لما تيجى تنفذ الإجراءات اللى درستها من منظور أكاديمى ومسار واضح للحل، لازم تراعى خصوصية الحالة المصرية، عشان لما تيجى تعملها تنجح فيها، فلازم تراعى أنك بتتعامل مع دولة وناس، ولا تتحرك من غير ما تجهز الناس بأهمية الإصلاح وحتميته».
تحدٍ آخر، تحدث عنه «السيسى»، يتمثل فى النمو السكانى، قائلًا: «لم تنجح الدولة فى أن تقنع الناس بضبط النمو السكانى، ولن يستطيع الناس أن يشعروا بتأثير النمو الإيجابى، إلا إذا كان المعدل مناسبًا، لو مثلًا اتكلمنا عن 2.5 فى المائة زيادة سكانية لازم تعمل معدل نمو لا يقل عن 7.5فى المائة، وفى حالة عدم تحقق هذه النسبة لن يشعر الناس بتحسن فى أحوالها، والتحدى مرتبط بالدولة والسكان أو الشعب، فهناك جهد على الدولة بذله، وجهد على المواطنين إنهم يعرفون، مش مهم عدد السكان الكبير ولكن الإعداد الجيد»، متابعًا: «النمو السكانى الموجود فى مصر تحدٍ كبير للغاية، يحتاج كل القوة سواء الإعلام أو الأحزاب والقوى السياسية وغيرها، وإحنا كمواطنين قاعدين فى بيوتنا، لازم نكون عارفين أن ده تحدٍ.. ولن نستطيع أن ننعم أو نطمئن أو نشعر بتحسن فى دخلنا، حتى لو زودنا معدل النمو على الوضع الحالى».
وسرد الرئيس عددًا من الأرقام التى تمثل إنجازًا حقيقيًا، ومنها معدل النمو الذى وصل فى الفترة الراهنة إلى 5.4فى المائة، مضيفًا: «وده ما كانش متوقعًا.. وحتى لو كان المستهدف فى 2022، هو 7 أو 8فى المائة.. فالمعدل الذى تحقق خلال الربع الثالث نتمنى أن يصل فى الربع الرابع من هذا العام إلى 5.5فى المائة أو 5.6فى المائة»، كما تحدث عن معدل البطالة الذى انخفض من 13.8فى المائة إلى 10.6فى المائة، موضحًا أنه تم توفير أراضٍ للمناطق الصناعية؛ تشجيعًا للاستثمار تساوى ما تم عمله فى 10 سنوات، قائلًا: «مش معقول لو كنا عاوزين نصدر.. ما نكفيش الطلب المحلى.. مش عاوزين نستنزف الأموال فى إننا نستورد منتجات نقدر نعملها فى مصر، وفى تقديرى وطموحى بالإضافة لفرص التصدير أكفى السوق المحلى ما أمكن، وده تحدٍ كبير، لذلك يتم إنشاء مصانع، أنا عاوز أعمل علشان المواطن اللى مش لاقى شغل يشتغل».
وعن المواطنين البسطاء، قال الرئيس: «الراجل اللى عايش فى بيت ما فيهوش سقف بيجيب 4 و5 ما ظلمش عياله، ويقولى البلد سيبانى، المسئولية محتاجة مننا مراجعة وفهم حقيقى لينا كمجتمع يدرك جيدًا ما يفعله، وهناك 67 ألف بيت غير اللى اتعمل حسب حصر وزيرة التضامن من غير سقف، يعنى المطرة والصيف والحشرات، وبحسب البرامج سيتم الانتهاء من تسقيفهم وإدخال المرافق من مياه وكهرباء، بل وفرش كمان، وعشان أضخ أموال لـ100 مليون مواطن ليشعروا بالامتنان والسعادة، وننشئ وزارة للسعادة فى مصر، عاوز 50 بير بترول، قولوا يارب فى رمضان».
ولخص الرئيس دوافعه فيما يخص القرارات الصعبة، مؤكدًا أنه يتمنى تحمل جميع الإصلاحات الاقتصادية من أجل تحسين أوضاع البلاد، وجعل القيادة القادمة تتولى أمور البلاد بشكل أفضل مما هو عليه الحال الآن، مضيفًا: «أنا أشيل كل التكلفة واللى بعدى يقدر يقود البلاد بشكل أسهل ويتولى الأمور بشكل أفضل»، ووجه حديثه للمواطن المصرى، قائلًا: «هل تتصور أننا كان لدينا خيار ألطف من كده وما عملنهوش.. يعنى أحنا مش بنحبك.. ونخليك تعانى أنت وأولادك.. لو فكرت كده ده أمر يحتاج إلى مراجعة».
وطمأن «السيسى» الجميع فيما يخص تحسن الوضع الاقتصادى للبلاد، مشددًا على أنه فى حال عدم إتمام الإصلاحات كانت التحديات سترتفع إلى جانب البطالة، وتابع: «أنا قلت لكل الناس هما مساران؛ أن عملته الناس تزعل منك وممكن تخرج عليك مش مستحملة.. وأن ما عملتوش تتطور الأمور بالسلب وتتخرب.. كده خربانة وكده خربانة.. أنا بتكلم بجد هو فيه حد بينجح ويخش الجامعة من غير سهر»، وواصل تأكيده على حجم الإنجازات التى تحققت على أرض الواقع، باقتراب الانتهاء من البنية الأساسية الحقيقية المتطورة للدولة، سواء للطاقة من «كهرباء وغاز»، وشبكة الطرق، والمشروعات القومية مثل المليون ونصف المليون فدان، متمنيًا الانتهاء من هذ المشروع خلال هذا العام، للبدء فى استصلاح مليون فدان آخر.
وحول شعور المواطنين بالفزع تجاه الأزمات، قال الرئيس مازحًا: «الحق التجمع غرق، يا جماعة ده الكلام ده حصل فى أستراليا وتركيا والأردن وشفتوه فى التليفزيون لأن دى ظروف استثنائية»، مستكملًا: «أنا بعترف أن البنية الأساسية فى التجمع فيها قصور، بس القصور فى الدولة كلها.. وأى حد تانى بيتكلم علينا فى القنوات التليفزيونية بره والله كله هيتحاسب.. اللى بيضحك على الناس واللى بيخدع الناس واللى بيحطم آمالهم كله هيتحاسب».
وعاد الرئيس ليؤكد أن الإجراءات الاقتصادية التى تتخذها الدولة حاليًا إجراءات حتمية، مشددًا على أن الدولة النجيبة هى التى تسعى إلى تغيير واقعها المؤلم إلى واقع أفضل، قائلًا: «البطل فى هذه الإجراءات ليس متخذ القرار، وإنما المصريون التعبانين، إحنا ظروفنا ضيقة، لكن لو ما كُنّاش عملنا كده كانت الظروف هتكون أضيق من كده ونتعب أكتر»، اوعوا تفتكروا إننا قطط سمان يعنى، اوعى حد يتصور أن الرئيس فى فمه معلقة دهب، أنا من تحت خالص، وعشت مع كل الناس وعارف الغُلب، لكن الغلب عمرك ما هتطلع منه غير بالشقا والصبر».
«كلنا فى مركب واحدة».. جملة قالها «السيسى» فى المؤتمر، وفسرتها على أنها تعبير حقيقى عن علاقة الرئيس والشعب، فالسفينة إذا تعرضت للغرق لن ينجو أحد، ومنهم ربانها الملزم بعدم تركها فى عرض البحر مهما حدث.. لذلك أطالب ركاب السفينة بالوقوف خلف الربان، حتى نصل جميعًا إلى بر الأمان!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف