جمال زايدة
تأملات سياسية .. ثقافة التسول
هناك فارق كبير بين التبرع من أجل مشروع قومى مثل إنشاء جامعة القاهرة، أو القضاء على فيروس «سى» أو إزالة العشوائيات ، أو إنشاء مستشفى ضخم، وبين انطلاق حملات محمومة لحث الناس على التبرع لكل شىء ولكل غرض بلا ضوابط واضحة، حتى أصبح التسول ثقافة فى مجتمعنا فقدت معناها النبيل. ما يحدث من جانب بعض الجمعيات التى تطارد مشاهدى التليفزيون استغلال صارخ للمرضى من الأطفال واستعراض لضعفهم لاستدرار عطف الجماهير بشكل لا يختلف عن المتسولين فى الشوارع الذين يظهرون أذرعهم المقطوعة أو أرجلهم المسلوخة من أجل ابتزاز عواطف الناس. ما يحدث من استخدام المرضى فى الإعلانات يتعارض مع القيم الدولية لحماية حقوق الإنسان حيث لا يمكن لطبيب فى الغرب أن يكشف عن مرض أي حالة لديه إلا وفق ضوابط صارمة، وبالتالى أصبح من الاعراف المستقرة ألا يتم سؤال أى إنسان عن دينه أو مرضه أو حالته الاجتماعية الا فيما ندر.
أفهم أن يستقر الضمير الجمعى على إنشاء مشروع ضخم فيتبرع الأغنياء قبل الفقراء مثلما فعلت الأميرة فاطمة مع حالة جامعة فؤاد الأول التى تم تغيير اسمها فيما بعد الى جامعة القاهرة وهو ما يحدث فى كل جامعات العالم الأكثر تقدما, حيث نظمت المجتمعات عمليات التبرع الأهلى من خلال القانون ولم تتركها كما يحدث فى مصر الآن للسداح مداح وبلا أى شفافية من جانب الجمعيات عن ميزانياتها كم جمعت وأين أنفقت الأموال. نحن لسنا ضد ثقافة التبرع بل نحن مع تنظيمها بتشريع يمنع استشراء الفوضى فى جمع أموال الناس وعدم معرفة كيفية إنفاقها.