المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
من المؤمنين رجال عرفوا طريق الحق منذ فجر الدعوة المحمدية في مكة المكرمة. من هؤلاء الرجال السابقين للإسلام أبوحذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي وأمه فاطمة بنت صفوان ابن أمية بن محرث. ورغم موقف والده من دعوة الرسول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم إلا انه ظل ثابتاً علي دينه نور الايمان مستقر في صدره وكان إسلامه قبل دخول الرسول صلي الله عليه وسلم دار الارقم بن أبي الأرقم وعندما ضيق المشركون علي الذين انضموا لدعوة الرسول صلي الله عليه وسلم هاجر إلي الحبشة مع المسلمين الذين إذن لهم الرسول بالهجرة إليها وقد هاجرت معه زوجته سهلة بنت سهيل بن عمرو. وقد ولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة وقد كان حذيفة من فضلاء الصحابة. جمع الله له الشرف والفضل.. وعندما عاد من الحبشة إلي مكة فأقام بها مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وظل بها حتي هاجر إلي المدينة المنورة وهناك آخا الرسول بينه وبين عباد بن بشر الانصاري وقد شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلي الله عليه وسلم.
أبوحذيفة كان رجلاً حسن الوجه طويلاً. ولم يأبه بأي صعوبات اعترضت طريقه ومن بين هذه الصعوبات انه حينما دعي للنزال يوم غزوة بدر ورغم ان النبي صلي الله عليه وسلم منعه الا ان أخته هند بنت عتبة وقفت في طريقه وقالت في سبه شعراً لدخوله في الاسلام ومن ذلك قوله :
لا حول الأثقل المشئوم طائره .. ابوحذيفة شر الناس في الدين
لكن ذلك لم يثنيه عن الاستمرار في اسلامه فقد امتلك نور الايمان كل وجدانه. وهذه الأخت كذبت في قولها فقد كان أبوحذيفة من خيار الناس تمسكا بالدين وحرصا علي قيمه الخالدة ولا غرو فهو الذي لم يلتفت الي أقوال الكفار والمشركين الذين حاولوا بكل الوسائل الوقوف في طريقه والحيلولة بينه وبين الاستمرار في الانضمام لصفوف المسلمين. ظل ابوحذيفة ثابتا في موقفه مرحبا بأي مهام تسند اليه من رسول الله صلي الله عليه وسلم.
ومن المواقف المشهودة في حياة ابوحذيفة بن عتبة ان الرسول صلي الله عليه وسلم حين وقف علي قتلي المشركين يوم بدر وقال : ياعتبة وياشيبة وياأمية بن خلف ويا أباجهل وأخذ يعدد كل من في القليب من هؤلاء القتلي من المشركين مضيفا : هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ويقول ابن اسحاق : فبلغني أن رسول الله صلي الله عليه وسلم نظر عند مقالته هذه مخاطبا قتلي المشركين الي وجه حذيفة بن عتبة فرأه كيبئا قد تغير فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : لعلك دخلك من شأن أبيك شيء؟ قال حذيفة مجيبا للرسول : لا.. والله ما شككت في أبي ولا في مصرعه ولكني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا فكنت أرجو أن يقربه ذلك الي الاسلام. فلما رأيت ما أصابه وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له أحزنني ذلك. وبعدأن استمع رسول الله صلي الله عليه وسلم لاجابة حذيفة بن عتبة وتأكد من ثباته علي الحق دعا له بالخير وقد طال العمر بابي حذيفة حتي ادرك حرب اليمامة وقد استشهد خلال معارك المسلمين هناك وهو ابن ثلاث أو اربع وخمسين سنة. رحم الله هذا الصحابي من أهل الايمان فقد كان قدوة للاجيال المتعاقبة في الثبات علي الحق والايمان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف