الأخبار
كرم جبر
الإرهاب يبدأ من هنا ؟

الحرب ضد الإرهاب تبدأ من هنا، بإيقاظ العقول وتطهيرها من الأفكار الأشد خطورة من الألغام والقنابل والمتفجرات، وإنقاذ المؤهلين للإرهاب من الوقوع في براثنه، والظروف الراهنة لا تتطلب النوم في بلهنية ظناً بأن الخطر قد زال، أو في طريقه إلي الزوال، فمعروف عن الإرهاب وجماعته، أنهم يلجأون إلي الكمون، والاختباء تحت الأرض، إذا كانت قبضة الدولة شديدة.
الإرهابيون يختبأون في الجحور، أملاً في الخروج ولو من خرم إبرة، وظروف البلاد الراهنة تتطلب اليقظة التامة، وتجديد الدعوة إلي إحياء خطاب ديني وقائي، يحمي الواقفين علي أبواب الإرهاب من الدخول، ويستعيد الوعي والضمير، ويوقف الخطر الداهم الذي يتسلل كخيوط العنكبوت، بعودة الدعاة المودرن الذين يملأون الفضائيات في رمضان.
الانتشار المكثف لدعاة الفراخ والبرفان، يشعرني بانزعاج شديد، فكما تسلل عمرو خالد إلي عقول الشباب، من بوابة الأناقة والشياكة والاستايل، هو نفسه عاد الآن، ومعه عشرة عمرو خالد، يرتدون التيشرتات ماركات عالمية، وأحدهم تبرز عضلاته مثل لاعبي كمال الأجسام، ويقدمون للشباب نموذجاً مستهدفاً، بدايته الإعجاب ونهايته الشر.
إنهم يصنعون عقولاً مهتزة، ويبثون أفكاراً تفرش الفضاء بالتطرف، ويأتي بعد ذلك من يستكمل دورهم، بالتقاط العناصر المهيأة للإرهاب، وتزويدها بالغضب والكراهية والحقد علي المجتمع، واستثمار الفقر والبطالة والاحتياج، في إشعال روح التمرد، بعد أن زينوا لهم الدعوة بالملابس الفاخرة والعطور والساعات، وتركوهم يسقطون علي أرض الواقع المليء بالتحديات والأزمات.
لعبة عمرو خالد وبطانته محفوظة ومفهومة، ولدغنا من جحره مرة ومرتين وثلاثاً، والغريب أنه يجد دائماً من يمهد له الطريق ويعيد بعثه وانتشاره، رغم اكتشاف الرأي العام لمداهنته وخداعه، وأن يستثمر الدعوة في اغتراف الملايين، والعيش عيشة الملوك والأمراء، صحيح أن الغني ليس حراماً، ولكن أن تقول ما لا تفعل في أمور الدعوة فهو الحرام بعينه.
الأجيال الشابة المهيأة للتطرف، محاصرة بتلال من المشاكل التي تصعد بها إلي الهاوية، وتقدم لهم جماعات التطرف حلولاً سحرية، جري استخدامها وتجريبها في الفترات الماضية، فاليأس من الحياة، يلتقطه داعية يفرش له الأرض بالأحلام الوردية، ثم يقع في براثن آخر يقايضه الدنيا بالآخرة، ويرسم له الطريق إلي الجنة، بارتداء أكاليل الديناميت، ولفها حول الخصر، وبعدها إلي النعيم وبنات الحور، والجلوس في صحبة الأنبياء والصديقين، ألم نُلدغ من نفس هذا الجحر عشرات المرات، ابتداء من منتصف سبعينات القرن الماضي، عندما التقط التطرف شباب الجامعات، بنفس الدعاوي والخطب التي يرددها عمرو خالد وبطانته الآن، فصنعوا منهم إرهابيين، قتلوا أكثر من مائة جندي شرطة بعد صلاة فجر عيد الأضحي في بداية الثمانينات، وانطلقوا يشعلون النار في كل مكان، وتجسدت المأساة الكبري في اغتيال السادات في المنصة.
أشعر بانزعاج شديد من الانتشار المكثف للدعاة المودرن في رمضان، فهم أقصر طريق إلي الهاوية، ولولا ظهور شيخ الأزهر وبعض العلماء الأجلاء في قليل من البرامج، لكانت الساحة قد خلت لهم تماماً.
وبُحت الأصوات للمطالبة بأن تقتصر الدعوة علي من يحملون مؤهلات الدعوة، ولكنها تتعرقل دائماً لأن هناك من يجني ثماراً من حالة الفوضي، ومن مصلحته أن تستمر الأمور علي هذا النحو.
• • آخر كلام :
مصر لا تنتعش ولا ترتفع معنويات شعبها ولا تسطع شمسها إلا إذا ساد الأمن والأمان، وأحس الناس بالطمأنينة وهم يسهرون في الشوارع والمقاهي حتي الصباح، واستعادة مصر تتجسد في رمضان الحالي في الحسين والسيدة وفي كل مكان، بعد سنوات صعبة وقاسية، وتحالف ثنائي الدمار »الإرهابيون والمجرمون»‬ ضد مصر والمصريين.. لكن لأنها مصر التي يجهلون سرها، فقد استطاعت بسرعة أن تنهض وتقف علي قدميها، وتقول للدنيا كلها »‬من قديم عناية الله جندي».. والله لسه بدري يا شهر الصيام.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف