أمينة الشريف
من اللحية.. إلى اللهجة الصعيدية قلبى ومفتاحه
رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير، مر الأسبوع الأول فى شهر رمضان، ومن الصعب الحكم أو انتقاد الأعمال الدرامية سلباً وإيجابياً خلال هذه الفترة القصيرة، خاصة أن الحلقات الأولى تستغرقها ما يسمى بـ»الفرشة الدرامية» وهى استعراض لأهم الشخصيات فى المسلسل فى مقدمتها البطل أو البطلة والمشاركون الذين يقدمون مشاهد متشابكة مع الشخصيات المحورية حتى يكونوا ما يسمى بـ «الحبكة» التـي تصل بنا إلى النهاية.. ورغم ذلك تبدو بعض الملامح الأولية فى هذه الأعمال التى توصى ببعض الملاحظات.
أولها: أن فكرة الانتقام تسيطر على عدد من الأعمال يحاول أبطالها خاصة إذا كانوا سجنوا ظلماً الخروج للانتقام ممن كانوا السبب فى هذا المصير ومحاولة استرداد ما أخذ منهم عنوة مثل «أيوب» و»رحيم»، أيضاً تلاحظ أن اللهجة الصعيدية هى البطل فى بعض المسلسلات مثل «طايع» و»سلسال الدم»، ما يؤكد أن الصعيد المحروم لسنوات طويلة من الرعاية والعناية الحكومية والمجتمعية والتنمية، ما زال يداعب خيال المبدعين خاصة إذا كانوا من أبناء الصعيد نفسه، ليعيدوا للمشاهدين فى كل مرة اكتشاف بيئة محافظات الجنوب المنسية وتسليط الأضواء على أهله وناسه والعادات والتقاليد والأعراف السائدة هناك.
كما يبدو أيضاً أن المسلسلات الكوميدية تراجعت فى تصنيفها لدى الذوق العام للمشاهدين، لا لشيء إلا أن صناعها ما زالوا يعتمدون فى تقديم هذه الأعمال على كوميديا سوء الفهم والإفييه والحركات الجسدية وليس كوميديا الموقف، معتمدين فى ذلك على بعض الأسماء التى لاقت إعجاباً مؤقتاً فى أعمال سابقة مثل «ربع رومى» و»إخواته البنات» و»الوصية»، ومن حسن طالع النجم عادل إمام وحدسه الثاقب، أنه لم يشارك هذا العام هذا الاستخفاف والاستظراف، كما كان يفعل فى السنوات القريبة الماضية، واختار أن يكون صحفياً باحثاً عن الحقيقة وكاشفاً للفساد وهذه النوعية من التيمات الدرامية تلقى اهتماماً ومتابعة من الناس لأنهم ما زالوا يعيشون هذه الأجواء فى الواقع ويشعرون بسعادة غامرة عندما يجدون المفسدين يتساقطون كأوراق الشجر فى الخريف:
تسيدت «اللحية» عند الأبطال الرجال بشكل لافت للأنظار خاصة التى يتخللها الشعر الأبيض مثل لحية ياسر جلال فى «رحيم» ولحية عمرو يوسف فى «طايع» وهانى سلامة فى «فوق السحاب»، فأصبح المشهد العام فى هذه الأعمال كأنه استعراض لأهم خطوط الموضة فى شكل اللحى حتى يقلدها الشباب وكذلك قصات الشعر المنحوت من الجانبين.
أما الشيء الجديد هذا العام هو أن داعش وما على شاكلتها من الجماعات المتطرفة، هى البطل فى بعض الموضوعات هذه الأعمال مثل «أبو عمر المصرى» لأحمد عز و»كلبش» لأمير كرارة، هذا يبدو خطوة موفقة جداً من جانب بعض الكتاب الذين تناولوا هذه الظاهرة المتراجعة إن شاء الله فهى فى زوال بعد سقوطها وتراجعها فى بعض الدول مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن.
وهذا هو دور القوى الناعمة عن طريق تقديم هذه الظاهرة السوداء فى المجتمعات العربية فى الدراما لكشف المستور عن هذه الجماعات الضالة، خاصة بعد كشف الكثير من أسرارها مؤخراً حتى يتعرف الناس على حقيقة هذه الجماعات المارقة التى لا تمت للدين بصلة.
يلاحظ أيضاً تراجع عدد الأعمال الدرامية المقدمة سنوياً فى شهر رمضان، بعد أن وصلت فى بعض الأعوام إلى ما يقرب من «٥٠» عملاً، وذلك بسبب ارتفاع التكلفة، ما ننتج عنه ما يسمى بالعرض الحصرى، كما نلاحظ خروج بعض النجوم والفنانين من السباق الرمضانى مثل يسرا وهنيدى ويوسف الشريف وطارق لطفى وغيرهم الكل فى هذه الأعمال يتسابق للحصول على الأفضل أو الأحسن، لهذا أتمنى من شركات استطلاعات الرأى أن تقوم بواجبها فى هذا الصدد بطريقة علمية موضوعية، لأنه لا يمكن مقارنة عمل درامى أكشن بآخر كوميدى بثالث يتحدث اللهجة الصعيدية، خاصة هذه الأعمال تلقى أعلى مشاهدة على اليوتيوب الذى أصبح سائداً، لا سيما عند الشباب يفضلونها بدون إعلانات مزعجة تقلل من مزاج المتفرج وتقلل ذائقة الاستماع عنده، والحكم الحقيقى للجمهور فى نهاية امتحان شهر رمضان.
لكن الإعلانات فى هذا الشهر المقدس كانت لافتة للأنظار جداً جداً جداً منذ اليوم الأول، خاصة إعلانات التبرع للجمعيات الخيرية وإعلانات شبكات المحمول الأربع التى تتسابق وتتبارى فى تقديم نفسها بشكل يصل إلى درجة الإزعاج والإلحاح البغيض، هذه الإعلانات ولسنوات قريبة سابقة تعتمد بشكل أساسى على الاستعانة بالفنانين والمطربين، آخرهم على الحجار، فلم يعد هناك نجم مشهور إلا وشارك فى هذه الإعلانات التى تتكلف الملايين، فهل هذه الشركات تكسب أضعاف الملايين التى تعطيها لهؤلاء النجوم لتواجدهم بهذه الكثافة فى هذه الإعلانات؟ جاءتنى الإجابة فوراً، نعم تكسب هذه الشركات من الضرائب المجحفة التى تفرضها على العملاء الذين تخطوا الملايين فى الشبكات الأربع بعدما أصبح المحمول من أساسيات الحياة وليس رفاهية، الأهم من هذا من وجهة نظرى أن هذه الإعلانات المنجمة بالنجوم مشاهير الفنانين سوف تقضى على صناعة فتاة أو فتى الإعلانات التى كانت منتشرة فى العقود الأخيرة فى القرن الماضى والتى خرج منها الكثير أصبحوا نجوماً مثل أحمد عز، فلا عزاء بعد الآن للفتيات وفتيان الإعلانات!!
سنفطر فى القدس عاصمة فلسطين، هذا الإعلان الذى أنتجته إحدى شركات الاتصالات الخليجية، كان لافتاً للأنظار ومن أكثر المواد الإعلامية التى حصلت على أعلى نسبة مشاهدة فى المواقع الإلكترونية والتشيير، لأنه جاء متزامناً مع ما يحدث فى أرض فلسطين الآن وانتقال السفارة الأمريكية إلى القدس ووفاة المئات وإصابة الآلاف من الفلسطينيين حكام الوطن العربى لا يحركون ساكناً، هذا الإعلان دليل واضح وقاطع وواقع على دور القوى الناعمة فى تناول قضايا الوطن وإلقاء الدور عليها، خاصة أن الإعلان يستخدم شخصيات تماثل الواقع مثل طفل صغير بطريقة مؤثرة يبدو وكأن الطفل محمد الدرة الذى استشهد من سنوات فى حضن أبيه وعهد التميمى الطفلة ذات الـ»١٦» عاماً التى اعتقلها وسجنها العدو الصهيونى، وشخصيات تماثل رؤساء العالم مثل ترامب الأمريكى وبوتن الروسى وميركل الألمانية والروسى الكورى الشمالى وغيرهم يخاطبهم الطفل بعيون دامعة حزينة أن يمدوا يد العون والمساعدة لإنقاذهم من الغياب القسرى الذى يمارسة العدو الصهيونى على الشعب الفلسطينى، كنت أتمنى أن يصاحب هذا الإعلان حملات للتبرع للشعب الفلسطينى المنكوب «قلبى ومفتاحه» من الإعلانات الراقية أيضاً التى دقت أبواب القلوب ودخل بدون استئذان لكونه إعلاناً هادئاً رومانسياً يدعو للتبرع لمركز القلب العالمى الجديد الذى يزمع إنشاؤه د. مجدى يعقوب فى أسوان، هذا الإعلان أبطاله هم الأطفال المستهدفون من التبرع، يستخدمون تيمة أغنية «قلبى ومفتاحه دول ملك ايديك» للمطرب الكبير فريد الأطرش، باعتبارها الأنسب لموضوع الإعلان وذلك دون ابتذال أو ضغط أو استخدام النجوم والفنانيين إلا بتعليق صوتى من نيلى كريم تحت تقدير وإعزاز لصناع هذا الإعلان وكل عام وأنتم بخير.