بسيونى الحلوانى
لوجه الله .. مسلسلات وبرامج تافهة.. وملايين مهدرة!!
في حوار رمضاني مع إمام الدعاة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي-رحمه الله- سألته عن رأيه في مسلسلات وبرامج رمضان فقال: لا توجد أمة تهدر الفرص التي تتاح لها مثل أمة الإسلام.. ولا يوجد بشر يهدرون أوقاتهم الثمينة فيما لا يفيد كما يفعل المسلمون.. ولا يوجد أثرياء يوظفون أموالهم فيما يغضب الله مثل أثرياء المسلمين.. وسكت.
قلت له: لكن لم تقل لنا رأيك في المسلسلات والبرامج الرمضانية؟
رد قائلا: أسأل الله أن يهدي القائمين علي هذه الأعمال الي ما يحقق رضاه ويحجب عنهم غضبه وعقابه.. كيف نشغل ملايين المسلمين بمسلسلات وبرامج تافهة في شهر كريم؟ وكيف نحول شهرا عظيما مباركا الي مهرجانات فنية؟ إن هذا السباق المحموم لشغل المسلمين في رمضان عن كل ما يرضي الله سيكون في ميزان سيئاتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون.
*****
في كل رمضان أتذكر هذه الكلمات للشيخ الشعراوي رحمه الله. فنحن نعيش أسري لسباق محموم بالفعل لمنتجين وممثلين لشغلنا بما يغضب الله طوال شهر رمضان. وفيما يشغلنا عن عبادته في هذا الشهر الكريم حق العبادة. وفيما هو واجب علينا من تواصل مع الأهل والأقارب والجيران. وفيما يحقق لنا رضاه من قيام الليل للصلاة وقراءة القرآن. وفيما يحقق لنا مصالحنا من أعمال مفيدة وواجبات مطلوبة منا بالنهار والليل.. والمتهم الأول في ذلك هو طوفان مسلسلات وبرامج برمضان علي كل القنوات دون استثناء.
شاهدت خلال الأيام الماضية من الشهر الفضيل نماذج من المسلسلات والبرامج الرمضانية وبالفعل هي تافهة ومهدرة للوقت وليس فيها ما يفيد أي مشاهد أو حتي يشغل وقته بشكل محترم. ولا علاقة لهذه الأعمال الفنية الهابطة بالواقع الذي نعيشه. ولا يوجد فيها ما نعتبره قدوة ومثلا لحياتنا. فكلها سرقات ومخدرات وقتل وعنف واغتصاب ومؤامرات.. فضلا عن التفاهات التي لا ينبغي أن نطارد بها شعب يكافح لبناء مستقبله ومواجهة قوي الشر.
في حوار مع نجم الكوميديا سمير غانم سألته بسمة وهبه عن ذكرياته مع "أحسن بوسة" في أعماله الفنية. وعن ما يقال عنه أنه "بصباص" فاعترف بأنه بصباص.. بس كلاس!!
بالله عليكم: هل هناك تفاهة وسماجة في برامج رمضان أكثر من ذلك؟ هل يليق بمذيعة يعتبرها البعض مثقفة وجريئة أن تعرض أسئلة من هذا النوع علي رجل تجاوز السبعين من العمر؟
ما الهدف الذي يسعي إليه برنامج تافه مثل "رامز تحت الصفر" والذي أنفق علي انتاجه مئات الملايين؟ وكله تحرش واحتكاك بالنساء وأفيهات ساذجة!!
ولماذا نصر علي تقديم أعمال فنية تكشف عن جهل مؤلفيها ولا علاقة لها بالواقع الذي تتحدث عنه؟
*****
هذه الأعمال الفنية الهابطة- بشهادة النقاد والجماهير- تكلفت مئات الملايين. ووفقا لأحد التقارير الصحفية فإن فاتورة مسلسلات وبرامج رمضان هذا العام تقترب من ملياري جنيه. وسواء أكان الرقم صحيحا أو يحمل مبالغات فما الذي فعله محمد رمضان- مثلا- لكي يتقاضي عنه أجرا 45 مليون جنيه. وماذا قدم رامز جلال لكي يتقاضي مليوني دولار سوي مطاردة الجماهير بأفيهات سمجة يكررها منذ سنوات؟
هذا الإهدار للأموال فيما لا يفيد يصيب عامة الشعب وخاصة الشباب بصدمة بالغة ويصرف كثير من شبابنا عن التخصص في مجال يفيد وطنه لأنه يعرف أن الممثل الفاشل سوف يتقاضي عشرات أضعاف دخله من عمل فني واحد.. فلماذا يجتهد الشاب ويبذل كل جهده لكي يحقق طموحاته العلمية وهو يري الفاشلين أكثر منه حظا في الحياة؟!
بالتأكيد.. ليست كل الأعمال الفنية الرمضانية هابطة وساذجة.. لكن أكثرها ينطبق عليها هذا الوصف مع أنها تكلفت أموالا باهظة. وهذا العبث بعقول الناس وبالأموال يتكرر للأسف كل عام ولا يتعظ القائمون علي هذه الأعمال مما يطارهم به النقاد والجماهير من اتهامات وانتقادات نتيجة سباقهم المحموم لانتاج أعمال فنية هابطة لعرضها علي المشاهدين في رمضان.
وبالتأكيد.. ليس انتاج الأعمال الفنية لعرضها في رمضان حراما ولا مشاهدة هذه الأعمال من المحرمات.. لكن واجب كل من ينتج عملا فنيا ليعرضه علي المشاهدين سواء في رمضان أو غيره من الشهور أن يكون لديه الحس الأخلاقي الذي يدفعه الي تقديم المفيد والراقي من الأعمال الفنية بعيدا عن الإسفاف الذي نراه في كثير من الأعمال الفنية.
ليس هناك ما يمنع شرعا من انتاج وعرض أعمال فنية في رمضان.. لكن يجب أن تكون تلك الأعمال هادفة وراقية ومفيدة للمشاهد بعيدا عن المتاجرة بكل ما هو تافه ورخيص من الأفكار والسلوكيات.
ليس هناك ما يبرر هذا الكم الكبير من مسلسلات رمضان. فلو جلس المشاهد طوال النهار والليل أمام شاشات الفضائيات فلن يتمكن من مشاهدة عشر هذه الأعمال.
اتقوا الله في حرمة هذا الشهر الفضيل واعتبروا من أخطائكم واعلموا أنكم ستسألون أمام الله عن كل مشاهد ترك واجباته الدينية والدنيوية في رمضان وانشغل بمشاهدة ما تقدمونه له من أعمال فنية هابطة.
نريد أعمالا فنية تعبر عن واقعنا بأمانة وصدق وترسم لنا طريق الإصلاح والتفوق وتحمي مجتمعنا من لصوص المال العام.
أعمالكم الفنية هابطة وغير مفيدة.. وبعضها مدمر للقيم والأخلاق.