المساء
السيد العزاوى
أهل الإيمان
في صحبة حكيم عاقل نعيش لحظات السعادة الروحية نمضيها مع رجل امتلك نور الإيمان قلبه وتفقه في أمور الدين حتي صار من كبار أهل العلم في هذا المجال إنه "أبوالدرداء" تلك كنيته واسمه عُويمر بن عامر بن زيد ابن قيس بن كعب بن الحارث بن الخزرج وقيل اسمه عامر بن مالك وأمه محبة بنت واقد بن عمرو بن الاطناية. وقد تأخر إسلامه قليلا فكان آخر أهل داره إسلاما. لكنه استطاع امتلاك ناصية العلوم فصار من حكماء وعقلاء الأمة الإسلامية. ومن أهل المدينة الذين فتحوا قلوبهم وبيوتهم للمهاجرين من أهل مكة وفي إطار هذه الألفة الإسلامية والمحبة التي ربطت بين قلوب أهل الإيمان قد آخي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بينه وبين سلمان الفارسي. فاجتمع في بيت واحد رجلان من أهل الإيمان تحابا في الله وربطت أنوار الإيمان بين قلبيهما.. وصار أبوالدرداء من المحافظين علي حضور مجلس النبي - صلي الله عليه وسلم - يستمع لأقواله الكريمة ويروي عنه بعض أقواله من الأحاديث التي يخاطب بها أصحابه عن فضائل الأعمال ولذلك كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يداعبه ويطلق عليه عبارة تؤكد أن أبا الدرداء من الحكماء الذين منّ الله عليهم بفضله لأن من يؤتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وتتويجا لهذا الرجل قال - صلي الله عليه وسلم - "عويمر حكيم أمتي" تلك شهادة قد منحها رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بعد أن تعرف علي الكثير من تصرفات هذا الرجل الخزرجي.
وقد شهد كل المشاهد مع الرسول - صلي الله عليه وسلم - ما بعد أحد.. وقد اختلف في شهود أبوالدرداء لغزوة أحد. وقد كان هذا الرجل يدرك الكثير من أحوال البشر ويستطيع من خلال الحكمة التي أنار الله بها بصيرته الوصول إلي القول الفصل فيما يعرض عليه من أمور وقضايا وبذلك يتضح أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لم يمنحه رتبة حكيم الأمة الإسلامية من فراغ وإنما جاء ذلك بعد الكثير من التعاملات معه والوقوف علي العديد من تصرفات هذا الرجل. وقد كان أبوالدرداء حريصا علي تسجيل أحاديث الرسول - صلي الله عليه وسلم - وأقواله وما كان مما رواه أبوالدرداء عن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ما أخرجه الإمام أحمد في صحيحه. فقد جاء فيه: أخبرنا عبدالله ابن أحمد الخطيب عن جعفر بن أحمد عن سالم بن الجعد عن معدان عن أبي الدرداء: أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: أيعجز أحدكم أن يقرأ كل ليلة ثلث القرآن؟ قالوا: نحن أعجز من ذلك وأضعف. قال: فإن الله عز وجل جزأ القرآن ثلاثة أجزاء. فجعل "قل هو الله أحد" جزءا من أجزاء القرآن وعما تناقلته كتب السيرة والتراجم ما جاء عن جبير بن عوف بن مالك أنه رأي في المنام قبة من أدم في مرج أخضر وحول القبة غنم ربوض أي الجالسة والمقيمة تجتر وتبعر العجوة. قال: قلت: لمن هذه القبة؟ قيل: هذه لعبدالرحمن بن عوف. هذا الذي أعطي الله عز وجل بالقرآن. ولو أشرفت علي هذه الثنية - أي قمة الجبل - لرأيت ما لم ترعينك. ولم تسمع أذنك. ولم يخطر علي قلبك مثله. أعده الله لأبي الدرداء إنه كان يدفع الدنيا بالراحلتين والصدر وقد كان أبوالدرداء محل ثقة عثمان بن عفان - رضي الله عنه فولاه القضاء في دمشق.. وتوفي أبوالدرداء قبل مقتل عثمان بسنتين رحم الله هذا الرجل من أهل الإيمان فقد كان نموذجا طيبا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف