الأهرام
د . أحمد عاطف
مصر وفرنسا: نقلة نوعية
يبدو الزمان وهو منطلق كجواد أصيل يقطع الثرى ويلتحق بالمدى. ومن اهم علامات الزمان ما يخطه من علاقات بين البشر وعلاقات بين الأقوام والشعوب.

قصة علاقة مصر بفرنسا تعد مثالا رائعا على علاقة متطورة مزدهرة أشبه بالعشق رغم ما شابها من فتور فى بعض الأوقات. ولانى أداوم على زيارة فرنسا والاقامة بها منذ ربع قرن، أستطيع القول إن العلاقة الآن تعد فى أزهى عصورها، والسبب فى ذلك هو توجه الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه مسئولية مصر واحساسه العميق بالدور الفريد لفرنسا. ومؤخرا اتفق الرئيس مع الرئيس الفرنسى ماكرون على اعتبار عام 2019 عاما للثقافة والسياحة المصرية الفرنسية.

والثقافة هى كلمة السر فى العلاقات بين البلدين. الكثيرون يروق لهم التأريخ لبدايتها مع حملة نابليون بونابرت على مصر 1798، لكنها بدأت قبلها بقرون. نعم نابليون جلب معه الكثير من العلماء فى شتى المجالات لدراسة مصر دراسة مستفيضة أصدروها فى موسوعة «وصف مصر». او فى فك رموز حجر رشيد على يد العالم شامبليون مما اتاح اكتشاف العالم للحضارة المصرية القديمة، وقد احتفلت السفارة المصرية بباريس مؤخرا بمرور مائتى عام على اكتشاف معابد أبوسمبل. وهناك طبعا إرسال محمد على بانى مصر الحديثة العديد من ابناء مصر النجباء لفرنسا ليقودوا بعد عودتهم مشروع النهضة الذى أسهم فى نقلة حضارية كبيرة. ومن الأسماء العظيمة التى طورت العلاقات بين البلدين الخديو اسماعيل احد حكام مصر الذين قادوا مشروع التحديث ويرجع له الفضل فى العديد من الانجازات من اهمها انشاء قناة السويس، وكذلك رفاعة الطهطاوى من أوائل المبعوثين المصريين الى فرنسا، والإمام محمد عبده احد رموز التجديد فى الفقه الاسلامي، و د.طه حسين عميد الأدب العربي، والكاتب الكبير توفيق الحكيم، والمخرج صلاح ابو سيف، والمخرج العالمى يوسف شاهين وصولا الى وزيرة الثقافة الحالية د.ايناس عبدالدايم التى حصلت على الدكتوراه بفرنسا وكانت ومازالت تطور بقوة النشاطين الثقافى والفنى بين البلدين. ومن فرنسا الكتاب جلبير سينويه، والبير قصيرى وروبير سوليه مصريو الأصل والذين اختاروا ان يبدعوا باللغة الفرنسية.اما فى عهد السيسي، فقد شهدت العلاقات طفرة غير مسبوقة. فزاد عدد المنح الدراسية المقدمة من فرنسا فى مجال البحث العلمي.كما تمت الموافقة على انشاء دار للطلاب المصريين فى المدينة الجامعية الفرنسية الدولية يحمل اسم دار مصر، علاوة على استمرار التعاون بين البلدين فى مجال الاكتشافات الاثرية، وتم تعضيد التعاون مع كلية الادارة العليا بفرنسا لنقل خبراتها لأكاديمية الشباب بمصر. وازدهار 10 اقسام فرانكفونية بالجامعات المصرية وكذلك الجامعة الفرنسية بالشروق.

وتحتل فرنسا المرتبة السادسة فى قائمة المستثمرين الأجانب بمصر الان، بينما تمثل مصر أول سوق لفرنسا فى الشرق الأوسط. ويوجد فى مصر نحو 160 فرعا لمنشآت فرنسية. ويحظى التعاون الدفاعى بين البلدين بأهمية كبيرة، خاصة فى مجال مكافحة الإرهاب. وقد اشترت مصر من فرنسا حاملتى طائرات مروحية من طراز ميسترال تمثلان نقلة نوعية لتصبح البحرية المصرية الأولى فى المنطقة، وكذلك اشترت فرقاطة متعددة المهام من طراز «فريم»، وأربع فرقاطات من طراز جوويند ، كما تعاقدت القاهرة على شراء 24 مقاتلة من طراز رافال الأكثر تطورا.

والحق أن وراء هذا الزخم غير المسبوق فى العلاقات بين البلدين نشاط السفير المصرى بباريس ايهاب بدوي. الذى حرصت على لقائه خلال زيارتى فرنسا مؤخرا. وسعدت كثيرا بالحوار الراقى مع شخصية وطنية رفيعة تؤدى دورها بمنتهى الإتقان والاخلاص. وسعدت أكثر برؤيته الواعية لدور الاعلام وتواصله الدائم مع الاعلام الفرنسى وكذلك إيمانه بالتأثير القوى للفنون في حياة الشعوب. وهذا ليس بغريب فهو صاحب التاريخ الدبلوماسى المشرف وابن البطل المصرى الشهيد المشير احمد بدوى وزير الدفاع الاسبق أحد أهم رموز حرب اكتوبر المجيدة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف