الفجر
مى سمير
أستاذ علم الجمال والأديان بجامعة أنديانا الأمريكية هيذر مارى اكو: أمريكا تتقبل الإسلام بعكس أوروبا
بدأت رحلتها لاعتناق الإسلام بالاهتمام بأزياء معتنقيه

ارتداء الحجاب كان أحياناً نوعاً من الاحتجاج ضد الديكتاتورية مثل "صومال سياد برى"

شعرت بتقدير كبير لحرص الإسلام على التعاطف مع الفقراء وتأسيسه نظاما قائما على العدالة الاجتماعية


تدرس هيذر مارى اكو، الأستاذ مشارك فى جامعة إنديانا الأمريكية، الثقافة الإسلامية والأزياء وعلم الجمال والتجارة الدولية، وبدأت علاقتها مع الإسلام كباحثة تدرس تاريخ الأزياء الإسلامية. أجرت جريدة «الفجر» حوارا مع هيذر مارى اكو، عبر الإنترنت، لإلقاء الضوء على رؤيتها للإسلام والتعرف على أبحاثها التى تركز فيها على الثقافة والأزياء الإسلامية.

■ فى ضوء دراستك للإسلام والثقافة الإسلامية ما الشىء الأكثر إثارة للاهتمام الذى جذب انتباهك فى الدين الإسلامى؟

- دراستى للإسلام والجانب الثقافى فيه مهد الطريق لمعرفة كثير من التفاصيل عن هذا الدين، وفى النهاية اعتنقت الإسلام قبل أكثر من عشر سنوات، من المؤكد أن هناك كثيرا من الأشياء الإيجابية التى لفتت انتباهى ودفعتنى إلى إعلان إسلامى، وأعتقد أننى أشعر بتقدير كبير لحرص الإسلام على مفاهيم مثل التعاطف مع الفقراء والضعفاء وتأسيسه لنظام قائم على العدالة الاجتماعية والتشديد على فكرة المسئولية الشخصية، وأيضاً أحب كيف أن ممارسة الإسلام ليست منفصلة عن الجسد.


■ كيف يمكن استخدام الثقافة الإسلامية بما فى ذلك الموضة لتحقيق مزيد من التقارب والتفاهم بين الثقافات والأديان والحضارات المختلفة؟

- اختيار نوعية الملابس التى تغطى بها جسدك هو تجربة إنسانية عالمية، ويمكن أن تكون أنماط اللباس مختلفة جدا فى الثقافات المختلفة، لكن فى حقيقة الأمر الأزياء هى جزء من الهوية، ومن الرسالة التى نريد تقديمها لمن حولنا عن أنفسنا.. وكل إنسان يستطيع فهم ما تعنيه الاختيارات المختلفة حول مظهره، كيف يشعر، وكيف تعكس الملابس أدوارنا وعلاقاتنا الاجتماعية، وكيف تعطينا فرصا للتعبير عن الذوق الفردى.. وتقدير هذه الاختلافات وإدراك الخلفيات المختلفة التى تنعكس فى الأزياء أو الثقافات قد يساهم فى تقريب الفجوة بين الثقافات المختلفة.


■ درست الموضة الإسلامية ونشرت كتابا بعنوان «سياسة الملابس فى الثقافة الصومالية»، كيف أثرت السياسة على أزياء المسلمات، وكيف لعبت أزياء المرأة فى العالم الإسلامى دوراً فى السياسة؟

- أثرت السياسة على الملابس الإسلامية منذ عقود، وفى أوائل القرن العشرين، كانت هناك توجه كبير فى العديد من البلدان الإسلامية مثل إيران وتركيا ومصر وتونس نحو الحداثة وحث النساء على عدم ارتداء الحجاب وإقناع الرجال بالتخلى عن اللحية.. وبحلول السبعينيات، كان العديد من الناس يتساءلون عما إذا كان هذا الاختيار انعكاسا لحداثة أم مجرد عرض من أعراض الاستعمار الأوروبى، واليوم، تحولت هذه السياسة إلى أوروبا، خصوصاً مع حظر النقاب فى فرنسا والجهود المبذولة لحظر البوركينى.

وعلى سبيل المثال قمت بالإشارة فى كتابى «سياسة الملابس فى الثقافة الصومالية» إلى أنه فى السبعينيات والثمانينيات، تحول الصوماليون خصوصاً النساء، إلى الدين والثياب الدينية كوسيلة لمقاومة ديكتاتورية نظام محمد سياد برى، وكجزء من الاتجاه نحو الإحياء والتحول السياسى فى جميع أنحاء العالم الإسلامى.


■ من وجهة نظرك، إلى أى مدى نجح المسلمون فى الاندماج فى المجتمع الأمريكى، وإلى أى مدى يتقبل المجتمع الأمريكى المسلمين، خاصة النساء المسلمات مع ملابسهن المميزة؟

- لقد كان الإسلام جزءاً من نسيج الحياة الأمريكية لفترة أطول بكثير مما يظنه كثير من الناس، إذ يعود تاريخ الدين الإسلامى فى الولايات المتحدة الأمريكية إلى فترة طويلة من التاريخ تماما مثل تجارة الرقيق فى الأطلسى، ومع ذلك، فإن التغييرات فى قوانين الهجرة فى السبعينيات سمحت لعدد أكبر بكثير من المهاجرين من البلدان الإسلامية أكثر من أى وقت مضى، وتدفق المهاجرون المسلمون إلى الولايات المتحدة بشكل ملحوظ من دول مثل لبنان وفلسطين ومصر والصومال.

وهناك أيضا عدد متزايد من الأمريكان الذين تحولوا إلى الإسلام والمهاجرين من الجيل الثانى من الذين ولدوا فى الولايات المتحدة، ويمثل المسلمون أقل من 2٪ من مجموع سكان الولايات المتحدة، وعلى عكس معظم الدول الأوروبية، يضمن الدستور الأمريكى حرية الدين، وهذا يشمل الزى الدينى، مثل الحجاب. إن جرائم التحرش والكراهية كانت بالتأكيد مشكلة بالنسبة للمسلمين، خاصة منذ أحداث 11 سبتمبر والنتائج التى أسفرت عنها الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وفى هذا الإطار، يختار بعض المسلمين سواء رجالا ونساء ارتداء الملابس بطريقة تحدد بوضوح عقيدتهم، بينما يفضل آخرون عدم الاعتماد على الملابس لإظهار هويتهم الدينية.


■ فى أحد أبحاثك المنشورة «تفسير الإسلام عبر الإنترنت: فهم معنى الحجاب»، كيف يمكنك وصف البيئات الإسلامية السيبرانية؟

- أن أول من استخدم مصطلح «البيئات الإسلامية السيبرانية» هو الباحث غارى بونت، المحاضر فى الدراسات الإسلامية فى جامعة ويلز، لامبيتر، وفى كتابه «الواقع الإسلامى: الاتصالات وسايبر البيئات الإسلامية، الدين والثقافة والمجتمع بوساطة الحاسوب» قدم بونت أول استبيان أكاديمى واسع النطاق لاستكشاف كيف يجتمع الإسلام مع الإنترنت ويتفاعلان، وتعمل تكنولوجيا المعلومات حالياً على إحداث تأثير عالمى على كيفية تعامل المسلمين مع الإسلام وتفسيره.

ونظراً لاستخدامه كمصدر أساسى للمعلومات، يؤثر الإنترنت أيضاً فى كيفية فهم غير المسلمين للإسلام والأمور المتعلقة بالمسلمين، ومن بين القضايا التى تم تناولها: كيف يتم دمج تطبيقات الوسائط المتعددة فى مواقع الويب، وتمكين مستخدمى الإنترنت من الاستماع إلى «الخطب» التى تنقل على بعد آلاف الأميال والاطلاع على الفرص الجديدة للتجارب الدينية.

كما يؤثر الإنترنت فى كيفية تواصل المنظمات الإسلامية عبر العالم عبر الوسيط الإلكترونى، وكيف يؤثر ذلك على فهم الإسلام والهويات الإسلامية. كيف يمكن للمسلمين وغير المسلمين الاقتراب من القرآن فى شكله الرقمى، كيف يتم استخدام الإنترنت لتقديم الحوارات المتنوعة المتعلقة بالإسلام، وغالباً ما تصل إلى جمهور واسع حيث يتم فرض رقابة شديدة على أشكال الاتصال الأخرى.

ركزت بشكل خاص فى أبحاثى على مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع التى تهتم بأزياء المرأة المسلمة، منذ نشر بحثى الأول حول مواقع الأزياء الإسلامية عام 2007، توسعت بالفعل أعداد المواقع وتنوع مضمونها على نحو كبير.

ومن خلال الأبحاث فى مجال الموضة والثقافة الإسلامية على الإنترنت، تعرفت على جانب من المجتمع الإسلامى العالمى المترابط الجديد المعروف باسم الأمة، حيث يتم استخدام الإنترنت للتواصل بين المسلمين، جنباً إلى جنب مع السياسة، الشريعة الإسلامية، وتفسير النص، وإجراءات للطقوس الإسلامية، والحجاب هو موضوع متكرر فى محادثات على الإنترنت، حيث يفتح الإنترنت فرصا جديدة للنقاش والاختلاف وتقديم الحجج.


■ كيف يتم استخدام الإنترنت كمنصة لمناقشة القضايا الإسلامية فى الغرب؟

- من المؤكد أن هناك مواقع إلكترونية ووسائل تواصل اجتماعى حيث ينشر المسلمون معلومات عن الإسلام على سبيل المثال، تفسيرات القرآن، ويناقشون بعضهم البعض بشكل مباشر من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية. ومع ذلك، فإن الاحتمالات لا حصر لها مع مواقع تعاليم الإسلام، أشرطة فيديو يوتيوب، دروس حول كيفية ارتداء أنماط مختلفة من أغطية الرأس، مدونات الموضة، والمجلات على الإنترنت، وعلى سبيل المثال تتمتع الأزياء الإسلامية على الإنترنت بنفس القدر من تنوع وثراء الموضة الغربية.


■ أجريت عدة لقاءات حول حظر البوركينى «المايوه الشرعى» على طول نهر الريفيرا الفرنسى، من وجهة نظرك، هل تساعد بعض المواقف الغربية المتشددة تجاه الإسلام فى زيادة التزام المسلمات بارتداء الحجاب أو النقاب؟

- ارتداء الحجاب أو النقاب هو قرار فردى للغاية، وهناك بعض الضغط بين المسلمين على ارتداء الملابس بشكل متواضع، لكن العديد من العائلات قلقون أيضا بشأن السلامة، مثل هل ستصبح ابنتى هدفاً للتحرش إذا كانت ترتدى الحجاب؟ هذا سؤال خطير بدون إجابات سهلة، ويوجد النقاب فى الولايات المتحدة، لكنه نادر جداً وأظهرت الدراسات التى أجريت على مسلمين فى أوروبا وكيبيك أن نسبة ضئيلة فقط من النساء المسلمات يخترن ارتداء النقاب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف