كرم جبر
إنها مصر - غزة يجب أن تعيش
إنها مصر
سيناء لم تكن ولن تكون إلا مصرية.. ومصر كانت وستظل الدرع الحامي للقضية الفلسطينية، وابتلعت مؤامرات وحماقات كثيرة، ليس من أجل قادة حماس ولكن لصالح أهل غزة، الذين يعانون ظروفاً معيشية بالغة الصعوبة، وتتعرقل خطط التنمية بسبب خلافات بين قادة فتح وحماس، ومصر هي التي تحاور كل الأطراف لإعادة إحياء الأمل.
غزة يجب أن تعيش، وأن تخف وطأة الحصار المفروض عليها، وأسفرت مؤتمرات إعادة إعمار غزة عن وجود 400 مليون دولار، جاهزة للاستخدام، وتخفيف المعاناة، وتحسين الأموال المعيشية، وآن الأوان لحسن استغلال هذا الدعم الدولي.
إعمار غزة ليس له علاقة من قريب أو بعيد، بأي مشروعات لتنمية سيناء، لا ارتباط ولا تداخل ولا مشاركة، فسيناء لها خطة شاملة، يجري تنفيذها رغم الحرب الضارية التي تقودها القوات المسلحة ضد الإرهاب، وذهبت إلي غير رجعة الأوهام الإخوانية بمد مشروعات مشتركة من غزة إلي سيناء، لخلق مناطق استثمارية تخضع للقوانين الدولية، كمشروع إخواني بالتعاون مع قطر وحماس وتركيا.
سيناء مصرية، وأبت مصر أن تكون عربوناً يدفعه الإخوان ثمناً لخلافتهم المنتظرة، أو أن تدخل امتداداً لأطماع بعض قادة حماس.. ومصر لم تحرر سيناء من الإسرائيليين لتسلمها للفلسطينيين، وإذا أرادوا أن يتحدثوا عن الصفقة الكبري أو مشروع القرن وغيرها من المسميات الغامضة التي تهبط من الخارج، دون أن يعرف أحد هويتها ومضمونها، فليبتعدوا عن سيناء، وليفوزوا بالقرن وصفقته.
مصر لن تتحمل متراً واحداً من فاتورة إنشاء الدولة الفلسطينية، فإسرائيل هي التي تحتل فلسطين وليست مصر، وقيام الدولة الفلسطينية يكون علي أرض فلسطين وليس سيناء، وإذا أرادوا تبادل الأراضي، فهذا شأنهم وبعيداً عن أرضنا، فالأرض التي ارتوت بالدماء وما زالت ترتوي، لا يمكن التنازل عن حبة رمال واحدة من ثراها.
غزة قضية إنسانية وشعبها يعاني الأمرين، من الاحتلال الإسرائيلي والجبروت الحمساوي، ومن حق أهاليها أن ينعموا بحياة توفر حداً معقولاً من المتطلبات الضرورية، وهذا ما تفعله مصر حين قررت فتح المعبر طوال أيام رمضان، وقدمت كل التسهيلات رغم الظروف الأمنية الصعبة، بسبب عملية تطهير سيناء من الإرهاب.
مصر كانت وستظل في ظهر الشعب الفلسطيني، وتدعم وتساند أهالي غزة، وتقوم الآن بتطوير معبر رفح ليكون عالمياً، ويقضي علي مشاكل الاختناق والازدحام والعالقين، ويسمح بالمرور الآمن السريع لأهالي غزة، بينما تشدد إسرائيل الحصار من الجهات المتقابلة، وتتعنت في إيصال المواد الغذائية والمعونات الإنسانية.
ضاعت الفرصة تلو الفرصة، وأصبح السلام بعيداً وظالماً وغير عادل، وزادت الأمور تعقيداً بعد قرار الرئيس الأمريكي بنقل سفارة بلاده إلي القدس، ولم يعمل حساب لأحد، ولم يقدر حجم المخاطر التي يمكن أن تصاحب قراره، وأضاف تعقيداً جديداً لأزمة مليئة بالتعقيدات، وأصبح السلام حلماً بعيد المنال، وسرابا يبتعد كل لحظة.
إسرائيل ليست وحدها التي تجهض التسوية السلمية، فعدم اتفاق الفلسطينيين شوكة حادة في ظهر القضية الفلسطينية، ويبدو الصراع هزلياً لأخذ أكبر جزء من كعكة السلطة، التي لم توضع بعد علي المائدة، وتبذل مصر قصاري جهدها لرأب الصدع ولم الشمل.
وحدة الشعب الفلسطيني، ونبذ الفرقة والخلافات، البداية الحقيقية لإخراج القضية الفلسطينية من الثلاجة، وإذا كان المثل يقول » ما حك جلدك غير ظفرك » فالواقع يقول أن كل الأظافر مكسورة، والجلد ممتلئ بالندوبات.