كابوس.. الفانوس!
اعترف بأنني مع قدوم الشهر الفضيل كل عام. أشعر بالإشفاق علي أبنائي. فقد حرمتهم ظروف الحياة وطبيعة العصر من أسباب كثيرة للفرح. ليس فقط خلال شهر الصيام بل خلال كل المناسبات التي كانت فيما مضي تطلق في قلوبنا أحلي مشاعر البهجة. وأصبحت الآن باردة خالية روعة تحقيق الأحلام البسيطة.
الأجواء الباردة.. تلك هي المشكلة.. أطفالنا يفتقدون إلي الدفء. أسنانهم تصطك من برودة كل شيء حولهم حتي وهم يستقبلون معنا أجمل شهور السنة في اكثر فصولها حرارة ورطوبة.. أطفالنا بالتأكيد كانوا سيصبحون أكثر سعادة لو صنعوا مظاهر فرحتهم بأيديهم تحوطهم عناية الآباء.. لو استعادوا الود المفقود والتواصل الغائب.
هل أحكي قليلا عن جلستنا التي تبدأ منذ أذان المغرب كل يوم وتستمر إلي ما بعد أذان العشاء لتجهيز الزينات الرمضانية؟.. مازلت أتذكر بعضا من تفاصيلها حيث نحضر الورق الملون وعصي الغاب والخيزران. ونصنع غراء من النشاء ونبدأ في صنع فوانيس ورقية ملونة.. كان ليل رمضان يتحول إلي كرنفال من الألوان والأضواء من صنع أيدينا.
قبل أعوام قررت أن أشرك أبنائي في الاحتفال باستقبال الشهر الفضيل. واتجه تفكيري الي الفانوس. ومنذ اللحظة التي قررت فيها ذلك توالت المفاجآت والمقالب.. وأولها أن الفوانيس لم تعد ملونة ولا مزينة بالنقوش الإسلامية.. اكتشفت أن كل الفوانيس متشابهة.. وأنها تحولت من تحفة فنية يدوية إلي مجسم قبيح بلا هوية.
وثاني المفاجآت أنني اكتشف ان معظم الفوانيس مصنوعة في الصين. وكأن صناعتها تحتاج إلي تكنولوجيا تستعصي علينا.. أما أغرب وأهم المفاجآت فهي أن الفوانيس العصرية هي التي تغني وليس الأطفال.