الرأى للشعب
علاء لطفى
الفقاعة التركية

الثروات تتحرك مثل الرياح ومن يبقى في مكانه تنحته العواصف حتى لو كان صخراً .. فكذلك الاستثمار يتقلب مابين الربح والخسارة ولا يبقى استثمار آمن مدى العمر ، بل هي فرص بالدخول وفرص أخرى للخروج .. لكن عندما يرتبط الاقتصاد وتقلباته الحادة ، بالسياسة وحساباتها المرتبكة ، تتحول التركيبة إلى قنبلة موقوتة.

الحالة التركية تمثل تجسيداً لتلك المعادلات المرتبكة، فالاقتصاد كان هو الطريق الذي قاد حزب العدالة والتنمية إلى تصدّر المشهد السياسي في تركيا، منذ سنة 2002، بعد أن أبعد الأتراك عن شبح الانقلابات العسكرية وفوضى الحكومات الائتلافية.

لكن الوضع انقلب اليوم، فالدكتاتورية العسكرية حلت محلها دكتاتورية رئاسية تخفى ورائها تنظيم اجرامي دولى ، والمعجزة الاقتصادية تحولت إلى فشل يؤثر على المواطنين الأتراك وعلى سلطة أردوغان ويضيق الخناق على تطلعاته لتنفيذ رؤيته التي قد تبقيه في السلطة حتى العام 2029، إذا فاز في انتخابات عمل جاهدا على تقديم موعدها من 2019 إلى يونيو 2018، لكن يبدو أن الرياح تجري بما لا تشتهي سفن الرئيس التركي وتدفعه إلى الندم على تقديم موعد الرئاسيات.

تركيا وهى تمارس التآمر على شعوب المنطقة ارتكبت خطأ جسيما عندما فتحت قنوات للتحريض على مصر وبث الشائعات عن انهيار الاقتصاد المصري والترويج لثورة الجياع.

ويشاء العليم الكريم ان يرد الله كيدهم في نحورهم ويصبح الاقتصاد التركي على حافة الهاوية ، ومع اول تقرير اقتصادي يسحب المستثمرين اكثر من 18 مليار دولار في يوم واحد.

وهو رقم يقترب من دخلها السنوى البالغ 20 مليار دولار حصيلة تجارتها المشبوهة من التزوير (6 مليار)، والدعارة (4 مليار)، وتهريب نفط وغاز (٣ مليار)، وتهريب سجائر (٢,٥ مليار)، وتجارة مخدرات (١,٧ مليار)، وتجارة اثار (١,٦ مليار)، واتجار بالبشر (٤٠٠ مليون)، وقرصنة أفلام وبرمجيات وكتب (٧٥٠ مليون)..اذا من تشريح الموازنة التركية يتبين لنا أننا أمام فقاعة اقتصادية ، خدعت الكثيرين.

صيحات الهروب بدأت تعلو ممن روجوا ليل نهار للفقاعة وأثنوا عليها لتضليل آخرين واستدراجهم لتعويض خسائرهم أو تعظيم أرباحهم .. آخر صيحات الهروب وأهمها على الاطلاق جاءت من رجل الأعمال السعودي بدر الراجحي، الذي وجه تحذير عاجل لكل من يملك أملاك في تركيا ، نصه كالتالي : "أهرب حتى ولو بنصف ثروتك..لأنّ اقتصاد تركيا يعد الآن الأسوأ منذ أكثر من 15 سنة ولازالت الحكومة تسعى لتخفيف تلك الأزمة ولكن الأزمة أكبر من قدرة تركيا .. ولازالت العملة التركية متوقع لها نزول".

رسالة الراجحي تلقفتها لجنة القوات المسلحة فى الكونجرس امريكي لتتقدم بمشروع قانون لإزالة اسم تركيا من برنامج شراء المقاتلات F 35 وده معناه وقف بيع ١٠٠ مقاتلة F 35.

لم يعد اذا هناك شيء خفياً يمكن الاستناد اليه لإبداء ضبط النفس ورباطة الجأش ، فالمؤشرات باتت أكثر وضوحا عن ذى قبل .. تدهور العملة يعني تدهور الاقتصاد ، وتدهور العملة يعني انخفاض بالثروة، وتدهور العملة يعني أزمة سياسية.

وتبين أن المعجزة الاقتصادية التركية هى مجرد فقاعة سياسية تحدث دوياً مؤلماً وهى تنفجر في وجوه من صنعوها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف