زياد السحار
عيني علي الدنيا .. مصر "منورة" بوعي المصريين
بالتأكيد.. كان وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر يستحق كلمات الشكر والامتنان من الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال مؤتمر الشباب الأخير.. وأتصور ان شعبنا الواعي العادل في حكمه وتقديره الصائب للأمور يتفق تماماً مع قائده في هذا التقدير المستحق.. ولاسيما وقد جاءت موجة الحر الشديدة التي ضربت البلاد طوال الأسبوع الماضي وصمود محطات الكهرباء أمامها بانتظام التيار في كل ربوع مصر بلا انقطاع رغم مئات الآلاف من أجهزة التكييف وملايين المراوح وأجهزة التبريد والثلاجات في المنازل والأجهزة الحكومية والقطاع الخاص والمحال التجارية مع ورش ووحدات الصناعة وكل المجالات التي تستخدم الطاقة الكهربائية.. لتؤكد كفاءة عمل هذا القطاع الحيوي بصورة غير مسبوقة من قبل مع وجود فائض كبير أيضاً رغم الوصول للحد الأقصي للاستهلاك بزيادة تجاوزت 4 آلاف ميجاوات عن معدلات الاستهلاك مع بداية شهر رمضان.
لاشك ان ما حدث - علي حد وصف وزير الكهرباء - يعد النجاح الأول للشبكة الكهربائية في اختبار مهم للخدمة تحت سقف هذا الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة وحالة من انعكاسات وتأثيرات سلبية علي مهمات ومكونات الشبكة.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإننا مع إعطاء كل ذي حق حقه فإننا نسجل لهذا الشعب المصري العظيم دوره في ثورة 30 يونيه التصحيحية التي أعادت للبلاد هيبتها ومكانتها لتنظم مؤسسات الدولة وقطاعاتها في أداء أدوارها - وقطاع الكهرباء - واحد منها في أجواء يسودها الأمن والاستقرار ومراقبة الأداء في الجهاز الحكومي للدولة.. وهذا بالفعل ما يقوم به الرئيس السيسي شخصياً من خلال اجتماعاته الدورية شبه اليومية مع رئيس الوزراء والوزراء كل في مجاله بل حتي مشاركة الخبراء والفنيين والمسئولين عن إدارة هذه الملفات المكلفين بها إذا ما لزم الأمر.. وهذا بلاشك يطمئن المصريين ويعظم الثقة بأن مصر الدولة قد عادت وحري بنا جميعاً ان نعمل علي بذل الجهد لنحافظ عليها بالافعال قبل الأقوال.
***
والحديث عن انتظام الكهرباء بلا انقطاع طوال موجة الحر الشديدة التي مررنا بها.. تدفعنا لتذكير أنفسنا كيف كنا وكيف أصبحنا؟ هذا السؤال الذي لا يجب ان يغفل عنه المصريون اطلاقاً حتي لا يتكرر ما حدث لنا من قبل. حتي قبل ثورة يناير وفي السنوات الأخيرة لحكم الرئيس الأسبق مبارك وكانت قد بدأت في هذه الفترة مشكلة انقطاع الكهرباء بسبب كثرة الاحمال التي كان يتم التعامل معها بأساليب تقليدية عقيمة بتخفيف الأحمال بتبادل وصول الخدمة بين مناطق القاهرة والأحياء بعضها البعض وكذلك الحال في المحافظات والمراكز والمدن التي كان خططها اسوأ في انقطاع الكهرباء علي مدار ساعات النهار والليل.
وبالمناسبة فإنني أذكر ان للرئيس الاسبق كلمة كان كثيراً ما يرددها وهو يتحدث عن خطورة المشكلة السكانية وتداعياتها علي كل أجهزة الخدمات من كهرباء ومياه واسكان ومستشفيات وتشغيل حيث كان يقول: "سيأتي يوم إذا ما استمرت هذه الزيادة علي معدلاتها - فإن الحكومة لن تقدر".
وهذا يؤكد انه فعلاً لولا المشروعات العملاقة التي افتتحتها الدولة بعد 30 يونيه. لكان الحال قد انهار تماماً ودخلنا في انفاق مظلمة.. وهو نفس الإجابة علي السؤال الذي يردده البعض الآن: لماذا لم نشعر بثمار هذه التنمية وتلك المشروعات التي أقامتها الحكومة وما جدوي الإصلاح والتنمية؟! مع الفارق ان الجهد الخارق الذي بذل طوال السنوات الأربع الماضية هو الذي أنقذ البلاد من المستنقع الذي كان يمكن ان تسقط فيه.
بصراحة شديدة ان شعبنا مطالب بكثير من الوعي والترشيد سواء في الكهرباء أو المياه أو الاستهلاك الزائد في الطعام - ونحن في شهر رمضان - الذي كان يفترض ان يقل فيه الاستهلاك بحكم الصوم الذي ينهي عن هذا الاسراف الذي يتسبب في مضاعفة معدلات الاستهلاك خاصة في السلع الأساسية كما تشير احصائيات الجهاز المركزي في نهاية هذا الشهر من كل عام.. ونحن - للأسف - نطالعها كل عام في الصحف ووسائل الاعلان دون اكتراث. ودون ان نحاول ان نغير من عاداتنا وسلوكياتنا الضارة.. وهو الأمر الذي يسيء لديننا ولهذا الشهر الروحاني الكريم الذي نخرجه من سياقه والهدف منه بهذا الاسراف غير المبرر علي الاطلاق.
***
باختصار ان نعم الله علينا كثيرة.. وما تحقق من انجازات بجهد ووعي المخلصين العاملين من هذا الشعب كثيراً ولكن من المهم ان نحافظ عليه ونعظمه ولا نهدره لتظل مصر محتفظة بقوامها - إذا صح التعبير - بمنظومة عمل وعطاء وإخلاص بعيداً عن التسيب وغياب الوعي أو اللامبالاة والإهمال الذي كثيراً ما نشكو منه ويتسبب في كوارث نحن في غني عنها.
وعي المصريين في كل المسارات الاجتماعية والاقتصادية والحياتية هو "أيقونة" الاستمرارية والتقدم والرخاء الذي ننشده لبلدنا وشعبنا.. وان الله معنا إذا ما ظللنا علي الطريق الصحيح.