عبد الله البقالى
حينما تتحدث السيدة لاجارد بسطحية
حديث الاسبوع
لايكفي أن ترسم السيدة كريستين لاجارد في حوار معها نشرته يومية »لوموند الفرنسية» علي هامش اجتماع دورة الربيع لصندوق النقد الدولي بواشنطن ما سمته »غيوما» في سماء الاقتصاد العالمي في هذه الظروف الدقيقة التي يجتازها. ولم يكن مقنعا بالمرة تنبيه المسئولين السياسيين والفاعلين الاقتصاديين إلي ضرورة الانشغال بإشكالية التنامي المفرط للديون الخارجية وتأثير هذا التنامي علي وتيرة تحقيق التنمية خصوصا في الأقطار ذات الدخل المحدود والمنخفض، لأن كل الحجج التي بسطتها المسئولة الأولي علي أفظع بلاء ابتلي به المجتمع الدولي والاقتصاد العالمي في تاريخ البشرية الحديث، قد تكون صحيحة وسليمة من حيث الشكل والسطح والمظهر، ولكنها لا تنفذ إلي عمق الإشكال، ولا تكشف عن الوجه الحقيقي للجهات التي قادت البشر إلي وضعيات الرهائن الذين يكون مصيرهم رهين خضوعهم لأوامر السيد الذي مكنهم من جرعات طفيفة زادت في أعمارهم بعض الأيام، وأنها لا توضح الأسباب الحقيقية التي قادت الأوضاع الاقتصادية العالمية إلي ما هي عليه حاليا في إطار اقتصاديات عالمية مشوهة.
مهم أن تؤكد السيدة كريستين لاجارد الحجم الإجمالي العالمي للديون الخارجية، والتي قالت إنها تصل حاليا إلي ما مجموعه 164 مليار دولار أمريكي، بما يعني أنها توازي ما نسبته 225 بالمائة من الناتج الداخلي الخام العالمي، وهو مبلغ إجمالي غير مسبوق في تاريخ العلاقات الاقتصادية الدولية، وأن الجزء الكبير من هذه الديون متراكم علي الدول ذات الدخل المحدود، والتي تواجه تحديات مستعصية جدا فيما يتعلق بتحقيق التنمية المستدامة. وأيضا الإشارة إلي أن مؤشر حجم هذه الديون لم يتوقف عن التوجه نحو الأعلي في إطار ارتفاع مهول وسريع متواصل، لكن الأهم من ذلك أن يقع التساؤل عن الأسباب التي مكنت هذه الآفة من أن تسود، وتتسبب فيما تسببت فيه من اختلالات فظيعة في توزيع الثراء العالمي علي البشرية جمعاء.
فالسيدة كريستين لاجارد تعلم جيدا أن إشكالية الديون الخارجية هي في الأصل نتيجة منطقية وطبيعية لسياسات اقتصادية صرفة في جزء منها ولكنها مرتبطة بخلفيات سياسية من جهة ثانية، ولعلها تتفق مع الخبراء -علي الأقل بطريقة سرية- علي أن السياسة التي اعتمدها صندوق النقد الدولي الذي ترأسه حاليا.
• نقيب الصحافيين المغاربة