الجمهورية
اللواء محمود زاهر
رأي.. في قضية قومية سياسة الإسلام لله.. "38"
بداية.. كل رمضان وأنت يا مصر شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.. نعم ربها الأعلي سبحانه وتعالي.. وليس أربابك البشر الذي يظن كل منهم أنه من غرس شجرتك وأنبتها وبه صارت بدايتك التاريخية وبزواله تكون نهاية فرعك وأكلك.. وهكذا أمسي شعبك شيعا وأحزابا كل حزب لربه من العابدين.. إذن.. لا عجب مني حين أترحم علي ربك السادات وعلي أبطال حرب رمضان عام 1973 وعلي نفسي والأحياء منهم.. رغم أن ربي ومالكي وإلهي هو رب الأرباب ورب العالمين مالك الملك ومالك يوم الدين والإله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.. ورغم أنك يا مصر قدر سماوي كريم منذ هبط آدم إلي الأرض.. وإسمك قد كرمه الله بالقرآن وقدسه بكلامه علي أرضك.. ولذا.. كل رمضان وأنت يا مصر طيبة..
غريبة يا مصر غربة العالم بقدرة وتعاليه علي الدنيا وزخارف فتنة زينتها الفانية .. وغريبة أصالة أهلك الذين يدركون تميزهم ويعرضوا عن حقه وحقهم به.. ويأخذون بسبيل ما يخططه ويمليه عليهم أعداؤهم.. والأغرب هو أنهم يعلمون بل يدركون أنهم علي خطأ.. وما يجعلني أجزم علي أنهم كذلك.. هو أنهم حين تأتيهم منحة إثبات أصالتهم وندرة تميزهم يسارعون بإحتضانها وكأنهم وجدوا أنفسهم.. وجدوا حلمهم وأعظم آمالهم.. ولكنهم وبذات السرعة يهبون حلمهم لأربابهم ليحققوا لهم حلمهم.. ويذهبون بعيدا ينتظرون ذاك الإحقاق.. الإحقاق الذي لا يجب أن يهدر بإهدائه والإنسحاب بعيدا عن التكاتف في إحقاقه.. كفانا اختزال لتكاملية طاقاتنا الجماعية الاجتماعية.. كفانا إهدار في زمن تحدياته شرسة ولا يطيق ردعها فردا أو جماعة من دون الجميع.
أحذر من واقع نحن به واقعون .. وهو.. حينما تنسحب الأصالة الشعبية وتترك القدر المصري بيد موازانات السياسة ظهرها خال .. فإن ما يحملون الرقم القومي المصري من دون أصالته.. سيجدون أمام آمالهم الذاتية فرصة عظيمة للتربح علي حساب الحلم والامل الشعبي المصري.. تربحا إعلاميا وإعلانيا وتجاريا ماليا.. إلخ.. بل والتربح السياسي لتبييض وجوههم السوداء وأعمال ماضيهم السيئة.. وتلك الطامة تعظم من قدرة التحديات التي تواجه الأمن القومي المصري قطريا وإقليميا ودوليا.. بل وتخصم بنتائجها الباطلة من قيمة ما تم ويتم إنجازه من أمل مصري وحلم شعبي.. "فلنحذر كل الحذر من هذا الخطر".. خاصة أن عجلة الإنجاز قد راحت بمعدلها ترتكن إلي .. "الراحة".. خاصة في الشق المعنوي من الإنجازات..
والأن أجد بنفسي تعاطفا مع شهر رمضان .. وأريد التحدث قليلا عنه سياسيا فقط.. فحديثي الوجداني والتاريخي عنه لا تتسع له مجرد مقالة أو أكثر.. كما أن حديثي العقائدي عنه فربما يكون غيري هو المنوط به.. وسوف أختصر حديثي السياسي عنه في عدة نقاط كما هو آت بإذن الله :
1- علمنا أننا مؤتمنين سياسيا بإستخلاف سياسة الله في الأرض والناس.. أي أن مقياس صلاحية سياستنا هو مشيئة الله السياسية .. وبهذه الأمانة السياسية ومقياس صلاحيتها.. سيحاول أن نري موقع شهر رمضان فيها وبها سياسيا..
2- إدارة مشيئة الله السياسية كرمت الإنسان بداية من جعل الأرض.. "مهدا".. له ذات وفرة وإتاحة سد جميع إحتياجاته المادية والمعنوية.. ووصولا إلي فتح باب التوبة أمامه ليتطهر من سيئاته حتي تشمله رحمة الله.. وهذا ما يجب أن تستخلفه سياسة الإدارات السياسية في الأرض قانونيا حين تتأكد التوبة معلوماتيا عمليا..
3- رمضان هو أمر منع لما هو متاح وحق أصيل للإنسان.. إذن.. مسموح لإدارة الإنسان السياسية ذلك أيضا.. ولكن بشروط المنع الرمضاني أيضا..
4- المنع الرمضاني تحدد بزمن محدود نسبته الزمنية هي 8.3% من السنة.. بل ومن نهار اليوم بتلك النسبة الشهرية.. إذن.. علي من شاء إداريا سياسيا منع إتاحة أي حق إنساني أصيل أن يتقيد بذاك الزمن إن شاء إستخلاف سياسة الله في أرضه..
5- رمضان لم يجعل المنع فيما هو حق متاح.. "مطلق".. بل جعل للمنع أعذارا توقف نفاذه.. وجميعها تقاس بالقدرة الإنسانية علي نفاذ المنع.. مثل المرض والسفر وغيرهما.. وحينئذ.. علي إدارة الإنسان السياسية إن شاءت منعا لحق أن تحدد القدرة علي تحمله وتنفيذه.. أي.. "إن أرادت أن تطاع فلتأمر بما هو مستطاع".. أي.. تتقيد بالرحمة التي تتوسط ثلاثية الحكم وهي.. "الحق والرحمة والصبر"..
6- الله الذي هو رب الأرباب.. ومالك الملك.. والإله الواحد الأحد.. والفعال لما يشاء كحق مطلق له سبحانه.. والذي لا يُسأل عما يفعل.. حين أمر برمضان فصل لنا خيره لنا .. وبين فضله علينا.. بل وقدر ثمنا وأجرا عظيما لمن ينفذ أمره.. بل وجعل نهاية رمضان عيدا وبهجة وفرحة منحة منه لمن أطاع أمره رغم أنه سبحانه وتعالي القادر علي نفاذ أمره علي الرقاب جميعا.. وتلك لمحة سياسية علي أي إدارة سياسية إنسانية أن.. تفهمها بعد فهم الفطرة الإنسانية.. وأن تعتمد التقيد بها إن شاءت سياسة علمية عملية ناجزة ذات نتائج نافعة للناس ومعمرة للأرض..
7- معلومة هامة جدا .. نعم حملنا الأمانة وصرنا مستخلفين في الأرض والناس.. ولكن.. علي كل منا وخاصة إن كان مسئولا عن جماعتنا.. آلا ينسي قط أنه إنسان به من كل صفات الإنسانية بعضا.. "وأهم تلك البعضية هي قلة العلم والضعف".. وأنه لا سبيل له قط سوي.. "اليقين بأن لا حول له ولا قوة إلا بالتوكل علي الله".. ودون ذلك فلا إستخلاف حق ناجز له.. بل سيواجه عجزه وقلة حيلته.. وخشيته من الناس وهروب القرار الصائب من بين يديه..
وإلي لقاء إن شاء الله..
ملاحظة هامة
بتاريخ 31 ديسمبر عام 1999 إجتمع وزير الثقافة ورئيس الوزراء ورئيس الدولة ومن خلفهم أعتي الدول بكل إمكانياتهم.. وصرت بيقيني بالله وأخذي بالأسباب وحيدا في وجه ذاك المستحيل.. "ونصرني الله وإنتصرت مصر".. هذا واقع تاريخي مهما غفل عنه الغافلون.. وإثبات لما أشرت إليه في المقال من فاعلية اليقين.. !!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف