المصرى اليوم
على السلمى
جودة التعليم فى مصر.. واجب وطنى!
«الجودة» مفهوم إنسانى يعبر عن الرغبة فى تحقيق نتائج مرغوبة توفر نفعاً لأصحاب المصلحة، يقوم على تحقيقها نفر من المختصين، يدبرون الموارد والإمكانيات اللازمة، ويحددون الأعمال الواجبة، ويضعون الخطط والبرامج، ويقودون القائمين بالتنفيذ، ويراقبون سير الأداء للتأكد من تحقق النتائج المرجوة، وهم فى ذلك كله يأخذون فى الاعتبار الظروف المحيطة بهم، يلتمسون الفرص ويتجنبون المخاطر ويستعدون لاحتمالات المستقبل.

فى نفس الوقت يصبح من المقومات الضرورية لتحقيق الجودة، حسن استثمار وتوظيف الموارد المتاحة، الإعداد والتخطيط للتعامل مع المتغيرات، التفكير الابتكارى والإبداع والتطوير، القيادة الفعالة والتوجيه الإيجابى للقائمين بالأداء، المحاسبة سلباً وإيجاباً بحسب النتائج ومستوى الأداء، حسن التوقيت واستثمار الوقت فيما يفيد وتجنب تبديده فيما لا يفيد، والأهم المصارحة والشفافية فى التعامل وعدم محاولة إخفاء العيوب أو التقصير بدلاً من البحث الإيجابى عن مصادر الخلل والعمل على إزالة أسبابها.

ومع تطور التقنيات التعليمية أصبحت جودة التعليم أمراً ممكناً لا تُستساغ معه ممارسة العمليات التعليمية بالأساليب التقليدية، التى كانت تفتقد عنصر الجودة بالقدر الكافى. من أجل ذلك تتجه الجامعات والمعاهد العليا الحكومية والخاصة وحتى المدارس فى معظم دول العالم إلى تطوير نظمها وإجراءاتها وتحسين مستوى برامجها وتقنياتها من أجل تقديم خدمات تعليمية متميزة تحقق للخريجين فرصاً أفضل فى سوق العمل، وذلك بأن تكون البرامج والمناهج والمواد التعليمية وتقنيات التعليم وأساليب التقويم وقياس الأداء الطلابى ومستويات أعضاء هيئات التدريس وقدراتهم ونتائج ما يقومون به من بحوث متطابقة مع المواصفات التعليمية المتعارف عليها من ناحية، ومتوافقة مع احتياجات المستفيدين وأصحاب المصلحة ومحققة لرغباتهم وتطلعاتهم من ناحية أخرى. ولا يُتصور أن تتحقق جودة التعليم بالمعنى الشامل المشار إليه بمجرد التمنى أو رفع الشعارات، ولكن يحتاج الأمر إلى بناء نظام متكامل لتخطيط مستويات الجودة ومجالاتها، وتوفير الظروف المناسبة لتنفيذ المخططات وضمان تحقيق أهدافها. إن النجاح فى تطبيق فكر الجودة لا يتحقق إلا إذا نجحت الإدارة التعليمية- على كل المستويات- أولاً فى تكوين فلسفة إدارية شاملة تقوم على قبول مبدأ التغيير والتعامل بإيجابية مع الواقع المحلى والخارجى، وعدم الانكفاء على الذات داخل الجامعة أو المؤسسة التعليمية وفهم حركة العولمة وانفتاح الفرص أمام المواطنين من دول العالم المختلفة للحصول على معلومات وخدمات من أى مكان فى العالم. كما يقتضى فكر جودة التعليم التخلى عن الاعتقاد بأن الجامعات والمدارس الحكومية هى المصدر الوحيد لتقديم الخدمات التعليمية للمواطنين، وضرورة استيعاب ضغوط المنافسة وسعى مؤسسات خارجية للاستثمار فى منظومة التعليم المصرية كما هو حاصل الآن من احتواء شركات من الإمارات لجامعات ومدارس مصرية خاصة وفق برامج استثمارية معلنة.

ويعنى توجه الجامعات المصرية إلى تطبيق مفاهيم وتقنيات إدارة الجودة الشاملة أن الإدارة التعليمية باتت تتفهم ضرورة وجود استراتيجية تعليمية واضحة للالتزام بالمعايير الأكاديمية السليمة فى كافة مجالات العمل التعليمى، وسياسات متطورة تحكم تصرفات الإدارة التعليمية فى كافة المستويات، وتفعيل نظم وأساليب مدروسة لتنمية الموارد التعليمية وتحسين تقنيات التعليم وتطوير المناهج، والقدرة على الاختيار الدقيق للطلاب وأعضاء هيئات التدريس وكافة عناصر العمليات التعليمية وفق المعايير الأكاديمية المعتبرة، ثم تفعيل نظم للمتابعة وتقويم الأداء والرقابة على مستويات الجودة فى كافة مرافق وفعاليات المنظمات التعليمية، والسلطة الكافية للتدخل لتصحيح الانحرافات ومنع تكرارها، وأخيراً توفر المعايير الصحيحة والمتعارف عليها عالمياً فى اتخاذ القرارات فى المنظمات التعليمية حتى حصولها على الاعتماد Accreditation. ولا يكتمل الحديث عن جودة التعليم فى مصر من دون مناقشة دور الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد، وذلك فى مقال الأسبوع القادم إن شاء الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف