الأهرام
د. محمد يونس
مصريون ضد محمد صلاح!
فى الوقت الذى يظهر فيه نجم مصر العالمى محمد صلاح فى إعلان ضد المخدرات خلال حملة تبث فى رمضان على القنوات الفضائية المصرية لمواجهة هذه الآفة المهلكة، قائلا (انت أقوى من المخدرات) يظهر ممثل فى مشهد بمسلسل تليفزيوني يحث على تعاطيها قائلا «لو عاوز تبقى دكر اشرب حجر»!.

الحقيقة ليس مشهدا واحدا وإنما 532 مشهد تدخين وتعاطى مخدرات ظهرت فى الأعمال الدرامية خلال الأسبوع الأول من رمضان، بحسب بيان نشره المرصد الإعلامى لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي.

وهكذا تظهر الدراما ممثلين ومنتجين ومشاركين فيها، كلهم مصريون ضد ما يقوله محمد صلاح اى ضد النموذج الذى يطمح اليه الشعب المصري. او بالأحرى ضد ما تقوله تعاليم الدين وأيضا ضد خطط الدولة الهادفة إلى القضاء على المخدرات!

وحدد صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى الذى ترأسه غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى قائمة سوداء تضم الأعمال الدرامية التى احتوت على مشاهد تدخين وتعاط للمخدرات جاء فى مقدمتها مسلسل «فوق السحاب» بـ 37 مشهد تدخين، و11 مشهد تعاط، ومسلسل «اختفاء» بـ 33 مشهد تدخين و14 مشهد تعاط.

المفترض أن رمضان هو شهر للعبادة والتوبة إلى الله عن الأخطاء، وفرصة للإقلاع عن التدخين وترك المخدرات، ولكن للأسف تزايدت مشاهد التدخين وتعاطى المخدرات عبر المسلسلات المعروضة فى الشهر الفضيل، والعجيب أن ذلك يتزامن مع جهود مكثفة لمكافحة تعاطى المخدرات سواء من جانب أجهزة الشرطة أو الهيئات والجمعيات المعنية ومنها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى الذى نظم حملة (انت اقوى من المخدرات).

وليست هذه هى المرة الأولى التى فيها هذه النوعية من المشاهد خلال شهر الصوم ، فقد رصد الصندوق 2261 مشهد تدخين وتعاطى مخدرات فى 29 مسلسلا خلال رمضان عام 2016. ومن ثم فإن هذه المشاهد تحث على التعاطي، على عكس خطط الدولة لمواجهة المخدرات والتى أصبحت من أهم القضايا التى تهدد الأمن والسلم الاجتماعى للوطن بعد ان بلغت نسبة التعاطى بمصر 10% أى ضعف المعدلات العالمية، وهو ما جعل مجلس النواب يناقش القضية العام الماضي، حيث طالب بعض الأعضاء وزير الصحة والسكان، بإنشاء قسم لعلاج الإدمان بالمستشفيات الحكومية على مستوى الجمهورية، نظرًا لوجود كثيرين من المتعاطين الذين يتمنون العلاج من إدمان المخدرات، مناشدين الدولة مساعدتهم من أجل التعافى، وأشاروا إلى أن تجارة المخدرات بمصر تجاوزت 400 مليار جنيه سنويا.

ويزيد من خطورة هذه القضية أن أغلب الجرائم غير المبررة تقع تحت تأثير تعاطى المخدرات، مثل جرائم الاغتصاب ومحاولات الأبناء التعدى على آبائهم. فضلا عن حوادث السيارات التى تتم تحت تأثير المخدرات.

ومن هنا تبرز أهمية دعم الجهود التى تقوم بها الدولة ممثلة فى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان لمواجهة هذه الظاهرة بخاصة بين الشباب، حيث عقد الصندوق عددا من اللقاءات الجماهيرية والبرامج التدريبية للتوعية بمخاطر الإدمان بمشاركة ما يقرب من 15 ألفا من مكلفات الخدمة العامة على مستوى محافظات الجمهورية ويستهدف اختيار أفضل الكوادر الشبابية من المكلفات بواقع 300 فتاة لتنمية مهاراتهن الحياتية وتدريبهن تمهيدا لانضمامهن لوحدات التطوع التابعة للصندوق بالمحافظات .كما يتم حاليا إنشاء أول مستشفى لعلاج المدمنين فى صعيد مصر بمحافظة سوهاج، الذى من المتوقع افتتاحه هذا العام.

ولأنه لا يستقيم البناء إذا كانت يد تبنى وأخرى تهدم،فقد وقع الصندوق، بروتوكول تعاون مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، لمواجهة إساءة استغلال المواد الإعلامية والفنية والدرامية فى التحريض على تعاطى المواد المخدرة والترويج لمنتجات التبغ، من خلال التواصل مع النقابات المهنية المعنية وصناع الدراما لنشر ثقافة رافضة لتعاطى المخدرات ولرفع الوعى المجتمعى بخطورة تلك القضية، على أن يقوم المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، باتخاذ الإجراءات والملاحقة القضائية فى إطار القانون تجاه المؤسسات الإعلامية. ولكن ذلك لم يمنع من ظهور المشاهد التى تروج للتدخين والمخدرات بكثافة فى الأعمال الدرامية خلال شهر رمضان فى استفزاز لمشاعر الصائمين وتحد لجهود الدولة لمواجهة هذه المشكلة التى تذكر بعض التقارير أنها تكلف الدولة ملايين الجنيهات لعلاج الإدمان، خاصة بعد تزايد انتشار المخدرات بين طلبة المدارس، فقد كشف المسح القومى الشامل الذى قام به لصندوق، أن 12.8 % من طلاب المدارس الثانوية مدخنون. المفترض ان تواجه الدراما مشكلات المجتمع، لا ان تكرس الظواهر السلبية وتروج لها، والمفترض ايضا أن تقوم مؤسسات الإعلام المعنية بمسئولياتها تجاه هذه القضية الخطيرة وفى مقدمتها جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام خاصة بعد توقيع الأخير بروتوكولا للتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف